عناية السادة /
تحية طيبة وبعد
تابعت منذ فترة الإعلانات التي تقوم مؤسستكم الموقرة بنشرها وتدعون فيها الصحفيين الراغبين في المشاركة في الدورات وورش العمل والمحاضرات التي تنظمونها إلى التقدم مشترطين أن يكون هؤلاء من بين المسجلين في نقابة الصحفيين.
وتعلمون سيادتكم مع كامل احترامنا للمعايير التي تضعونها لتعظيم الاستفادة من فعالياتكم، أن عدد من يمارس الصحافة، خاصة فيما يتصل بالتحرير والتحليل السياسي، أكبر بكثير مما تضمه نقابة الصحفيين على قوائمها، ولا يشترط أبدا أن يكون هؤلاء ممن يعملون في المؤسسات الصحفية المعروفة، وهو ما يدعوني إلى توجيه نظر سيادتكم إلى العديد من المشاكل التي يواجهها العاملون في مجال الصحافة والنشر عموما ممن لايحملون الصفة النقابية، والتي قد تمنعهم بالتالي من الاستفادة من الأنشطة التي قد تقدمونها، فضلا عن التي تقدمها نقابة الصحفيين ذاتها.. مع علمي أن ماتقدمونه من فعاليات الهدف منه توسيع هامش المعرفة وإتاحة أكبر قدر ممكن من الآليات لتوسيع قاعدة المستفيدين.
والبداية الأولى تقتضي مني التأكيد على أن المؤسسات الصحفية الموجودة في بلدنا، الرسمية منها وغير الرسمية، المصرية والعربية، وهذا ما لا أشك أبدا في أنكم تعرفونه تمام المعرفة وتحيطون بعلمه جيدا، لا تضم إلا النذر اليسير ممن يمارسون مهنة الكتابة والتحرير بشكل عام، والصحافة السياسية بشكل خاص، الأمر الذي ربما يفوت فرصة تعميم الفائدة الذي قد تقصدونه من وراء ماتبذلونه من جهود لتطوير المهنة من خلال ممارسيها، كما أن الأمر ربما يقْصُر عن استيعاب واحتضان كوادر جديدة وجيدة قد تكون لديها الرغبة ومؤهلة تأهيلا كافيا، ومع ذلك لاتستطيع أن تلحق بأي من دوراتكم التدريبية لمجرد أنها غير مسجلة على جداول النقابة.
هذا بالنسبة للعاملين في المجال من خارج نطاق المؤسسات الصحفية التقليدية، فما بال سيادتكم بمن يعملون في المجال ذاته، ولكن من داخل مؤسسات قد تبدو حديثة العهد نسبيا قياسا بالمؤسسات التقليدية المعروفة كالمواقع الإلكترونية الإخبارية والمجلات الفصلية ومراكز البحوث السياسية ومكاتب فروعها بالقاهرة وغيرها..وأنا هنا أتحدث عن نفسي صراحة، رغم أني أُعد واحدا فقط من بين كثيرين يعانون نفس المشكلة؛ حيث يعملون في مثل هذه المؤسسات، وتقف أمامهم الأبواب المغلقة التي لا يستطيعون النفاد منها للانضمام، ولو صوريا، لأي مؤسسة صحفية تقليدية، أو لأي جدول من جداول الملتحقين بالنقابة الرسمية في النهاية، وذلك إما لأن هذه المؤسسات التي نعمل بها حاصلة على ترخيص مزاولة المهنة من خارج البلاد، أو لأنها ترفض ضمنا إعطاء أية ميزة للعاملين لديها شأنها شأن الكثير من مؤسسات القطاع الخاص في بلدنا، أو لأن العاملين بهذه المؤسسات الصحفية غير التقليدية لا يوجد لديهم أية وسيلة معروفة وفعالة لتقديم أوراقهم إلى النقابة.
وإذا ما أٌُضيف إلى ماسبق، رغبة البعض منا، ممن فاته حظ الالتحاق بدوراتكم، في تطوير مهاراته وقدراته المعرفية والتحريرية والتحليلية بعد أن وجد لأول مرة مؤسسة مستقلة لا تعتمد المحاباة، يمكن أن تتولى هذا الأمر بعيدا عن معايير سائدة للأسف في كثير من مجالات حياتنا أساسها المجاملة والمحسوبية، واستنادا إلى تقييم مفصل لمؤهلات وإمكانيات المتقدمين، فإن هذه الرغبة تجابه بشرط، أظن أنه غير موضوعي وأقل ما يوصف به بأنه يضيق من قاعدة المختارين، ويقتل طموح البعض فينا في الارتقاء بمهنيته وفنون حرفته.
وأنا لا أدعي هنا أن بإمكاني اجتياز شروط دوراتكم لمجرد إلغاء شرط "أن يكون المتقدم من الصحفيين العاملين" فقد لا تمكني مؤهلاتي من المرور من أول اختبار قد أوضع فيه، ولكن حديثي هذا آمل أن تفتحوا به الأبواب للراغبين في التقدم إلى دوراتكم، أيا ما كانوا سواء من المسجلين بجداول النقابة أو غيرهم، ويكون فيصل الاختيار فيما بينهم شروط التمايز الأخرى التي قد تطلبونها كأسباب رغبته في الالتحاق بالدورة، كتاباته نفسها، التحليلية وليست التقريرية أو الخبرية، رؤيته للحدث إنْ كان يملك هذه الرؤية..على أن تقدم مؤسستكم الموقرة تقريرا تقييميا وافيا بشأن المتقدم وأسباب نجاحه أو إخفاقه ليساعده بعد ذلك في معالجة أوجه قصوره الذاتية.
في النهاية.. عفوا لأني قد أثقلت عليكم.. ولكنكم قد لاتعرفون حجم المعاناة التي يعانيها أمثالنا ممن يستطيع الكتابة، في حدها الأدنى على الأقل، ولايجد منفذا للتعبير من خلاله، وإنْ وجد هذا المنفذ فإنه لايملك حق رؤية اسمه على المادة التي يكتبها أو يعدها، ولايحظى بوسيلة كالصحفي العامل المسجل على قوائم النقابة الرسمية تضمن له الانتماء إلى مؤسسة تحافظ عليه وتحميه وترتقي به ومعه مهنيا وإنسانيا.
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام والتقدير
محمد شحات عبد الغني