الأربعاء، 16 أبريل 2014

في مصر: كل الطرق تؤدي إلى التعلم

ما حدث في مصر ولا زال يحدث والمتوقع حدوثه، سيتعلم منه المصريون، آجلا أو عاجلا، وسيصقل تجربتهم السياسية، وسيزيدها ثباتا وقوة ورونقا وبهاء، ناهيك عن أنه سيفرز العملة الصالحة من نظيرتها الرديئة..

الموقف من هذه المؤسسة أو تلك، ثقل هذا الفصيل أو ذاك، قدرة هذا الطرف على الاستقطاب وحشد التأييد، كل هذه الأمور لم يكن ليتحقق أي منها وغيرها إلا من خلال ما حدث وسيحدث بمصر المهروسة..

صحيح أن الثمن مكلف وغال والعبء يتزايد على الجميع الذين يدفعون كلهم الثمن من نفوسهم وأرواحهم وصحتهم ومالهم، ولكن من قال أن التعلم بلا ثمن، من قال أن التجربة لا تقوينا، ولا تكسبنا الخبرة عند تقييم مبادرة هذا ورد فعل ذاك وصحة موقف أولئك..

صحيح أن التعلم سيأخذ وقتا ثمينا وطويلا، وربما سيجني ثمرته المصريون بعد أجيال، ولكن من قال أنك تستطيع أن تجني الحصاد فور غرس البذرة، من قال أنك تستطيع أن تحقق طموحاتك وتطلعاتك بين يوم وليلة..

كنا نعتقد أن هذا الطرف بمقدوره، وكنا نعتبر أن هذه المؤسسة تمثلنا، وكنا نرى في هذا الشخص ممثلنا والمعبر عنا..

 لكن الأحداث التي تتالت خلال السنوات السابقة على كثرتها وضخامة تأثيرها وقسوة تداعياتها التي حصدت منا الأرواح وخلقت في الحلق غصة وربما فرقت بين المرء وزوجه وأهله وأصدقائه وأساتذته، أثبتت لنا وهن قناعتنا والبديهيات التي عششت في رؤوسنا وضعف حجتنا وسفاهة معتقداتنا وتفاهة مواقفنا..

نعم، أبشروا.. فمصر والمصريون يتعلمون، وأنى لهم أن يتعلموا دون أن يحدث لهم ما يزلزل أفكارهم وأحلامهم ورؤاهم..

 نعم نحن أحسن من غيرنا بكثير، والتجربة التي نمر بها الآن هي أخف وطأة مما كان يحدث في السابق لنا، ذلك الركود العقيم، أو على الأقل، هو وضع أحسن مما مرت به أو تمر به شعوب مجاورة..