الاثنين، 31 مارس 2014

هل يمكن للمصريين أن ينتخبوا شخصا آخر غير السيسي

صحيح أن كافة الظروف مهيئة للرجل ليصبح رئيسا للجمهورية، وهو كذلك بالفعل، على الأقل من الناحية الواقعية، وربما الرسمية أيضا، منذ يونيو 2013..
كما يحظى الرجل بدعم أكبر مؤسسة في البلد، التي لها أياديها البيضاء على قطاع كبير من المصريين، الذين بدورهم يكنون لها وليس لأشخاصها بالطبع، كل تقدير واحترام وعرفان..
ومن الصعب وربما الاستحالة أن يحظى غيره بالفرص ذاتها التي "ينعم" بها في سباق رئاسي ديمقراطي حقيقي نأمل أن يتسم بالنزاهة والحيادية والشفافية والسلمية..
كذلك فإن مؤسسات الدولة الداعمة والمؤيدة له، بداية من الجيش وانتهاء بالإعلام مرورا بالطبع بالشرطة والقضاء ومؤسسات الدولة السيادية الأخرى، لا يمكن أن تمنح لصباحي أو لغيره مفاتيح السيطرة عليها من أشخاص ليسوا من داخلها..
أسباب واعتبارات كثيرة متاحة للرجل قياسا بغيره، وتضمن له حسب المعطيات المتاحة الفوز وباكتساح بالانتخابات الرئاسية القادمة، سواء توفرت لها عوامل الحيدة أو لم تتوفر، غير أن الصورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالنظر لطبيعة المشهد المصري كاملة، والتي قد تعوق الصعود الطبيعي للرجل لأكبر منصب سياسي في أكبر دولة عربية، وتعطي ميزة إضافية للشعب المصري لكي يفكر في بديل آخر غير السيسي..
من بين هذه العوامل وأهمها: الإخفاق المتوقع للرجل، والذي يُخشى أنه لن تقبله المؤسسة التابعة له، وربما تضطر لفعل الأفاعيل للدفاع عن ممثلها حتى ولو كان فاشلا، وقد لا يكون هذا ضربا من الخيال، أو رغبة لموقف ما منه، ولكن لحقيقة الواقع المصري المعاش حاليا، وحجم الأزمات التي سيواجهها الرجل على جميع المستويات، وهي أزمات هيكلية معقدة وتمتد لعمق المجتمع ومؤسساته، وتسببت في إخفاق غيره وعجزهم عن إيجاد حلول ولو وقتية لهذه الأزمات المستعصية..
المستجدات التي يشهدها المجتمع المصري حاليا، وتعكس ليس فقط انقساما حادا داخله، وإنما تحولا في طبيعة الأدوات التي تستخدمها قواه للتعبير عن نفسها وللتعاطي مع خصومها، والتي يبدو أنها باتت أكثر حدة وعنفا، بداية من حملات الهجوم الإعلامي الرخيص والبذيء في الوقت ذاته، وانتهاء بالطبع بعمليات الاعتداء والمهانة التي يتعرض لها المخالفون، مرورا بالطبع بعمليات القتل "البارد" التي يتعرض لها المصريون حاليا، وكأنهم موعودون دوما بمن لا يقدرهم التقدير الكافي ولا يمنحهم الحد الأدنى من الشعور بآدميتهم وإنسانيتهم داخل بيوتهم وفي أماكن عملهم وفي الطريق بين هذا وذاك..
العامل الأخير يتعلق بفكرة التغيير التي علق عليها المصريون آمالهم ولم يتحقق منها شيء حتى الآن، وعولوا عليها كثيرا انتظارا على ما يبدو لما لن يأتي، لقد فتح الله عليهم وبعد سنين عجاف ليهبوا ويعزلوا رئيسا، وهبوا ثانيا، صح ذلك أم خطأ، ليعزلوا آخر، وعلى الرغم من ذلك، فإن مشكلاتهم كما هي، وكأنها تزداد صعوبة وعسرا في الحل،والسبب واضح، فالنافذين يتشبثون بمواقعهم وامتيازاتهم، والفجوة تزداد عمقا بين الأغنياء الذين يزدادون غنا، ولا يتركوا شاردة ولا واردة إلا وحصلوها لهم ولحشاكيلهم، الحشاكيل لفظة سمعتها ولا أستطيع أن أدعي أني نحتها، ويقصد بهاالتابعين من الحاشية، وبين نظرائهم من الأغيار، الذين لا يزدادون إلا فقرا وعوزا، ولم يجدوا طريقا إلا وسلكوه ليصعدوا في طريق مغلق عليهم دونهم ولا يسلكه سوى الصاعدينالمرضي عنهم فحسب...
ولا شك أنه إذا أدرك المصريون بمؤسساتهم وقواهم المجتمعية، حقيقة وخطر هذين العاملين بانعكاساتها المختلفة، فإنهم مطالبون الآن بالتفكير في بديل آخر غير السيسي رئيسا للجمهورية تفاديا لمشكلات نظن أنها لن تتوقف عند سقف معين...