الثلاثاء، 1 أبريل 2014

حملة التنطيط

هي "حملة" مصرية "قحة"، إن صح هذا التعبير، على غرار حملات المداهمة والتمشيط التي يشنها "الملأ" من قومنا في المناطق "العشوائية" أو أحزمة الصفيح على هوامش العاصمة القاهرة المحروسة..

يشايع هذه الحملات في العادة "الأتباع‏" من المستفيدين والمرشدين و"العصافير"، وهدفهم ليس فقط الغلابة والمكسورين والمهمشين الذين تجاوزوا القوانين التي لا تعمل لصالحهم، ولا تضمن لهم ميزة تعفيهم من أعباء وضع لم يراع مصالحهم أو مناطق نفوذهم وإشباع حاجاتهم المادية قبل المعنوية بالطبع، فضلا عن  "مهيضي الجناح" من المخالفين، أيا كانوا، سواء كانوا من الفوضويين أو اليساريين أو سليطي اللسان أو الإسلامييين أو الإرهابيين أو "الإخوانيين" أو حتى من المنحرفين والبلطجية وغيرهم..

المهم أن هذه "الحملة" التي تصطبغ برداء "شعبي" خالص، وتقتدي بحملة  "جورج بوش الابن" عندما شن حربه على ما سماه "الإرهاب العالمي"، التي لم تشمل العالم كله، وإنما اقتصرت على ذوي الملامح الشرق أوسطية وذوي الخلفية الدينية الإسلامية، خاصة في وسط آسيا وغربها، ليست بجديدة، فهي من موروثات شعبنا الكريم الذي استطاع بعون الله وتوفيقه تعبئة الهواء في الزجاجات وبيعه أيضا..

وقد تم تدشين هذه الحملة من قبل في مناسبات تاريخية عدة، لعل أبرزها ما حدث بعد وكسة 1967 والرئيس المؤمن وازرع رملك جناين وصفر المونديال ومشروع القرن في توشكى وغيرها، والقائمة لا تنتهي، لكن هذا ما تجود به الذاكرة علينا الآن، ويقوم بدور رأس الحربة في مثل هذه الحملات الإعلام بمنافقيه وذبانيته أو رموزه، إن لم يعجبك اللفظ السابق عليه، رغم أن اللفظين يؤديان الغرض ذاته..

وبالتأكيد، فإن القادر الوحيد على إعلان انطلاق الحملة هم من السلطة، وأجهزتها الأمنية، تحديدا، إذ بمقدورهم وحدهم بما يملكونه من موارد مالية ومعلوماتية و"ترعيبية" أن يأمروا "عبيد" المأمور فيأتمروا وينفذوا دون مناقشة، بل أحيانا يقومون بما لا يطلب منهم، ويزيدون الحملة رغدا ونكهة ومتعة وإثارة..

وما نراه الآن على الساحة هو أشكال عديدة من حملات "التنطيط" التي تطلقها أجهزة ويتولاها إعلاميون قذرون بالنفخ فيها، وينساق إليها الغرباء من "الضعفاء" الذين يبحثون عن الأمان، تارة بدعوى الحاجة إلى الهدوء والاستقرار كي تعود مصرنا "واحة للأمن والأمان"، وتارة ثانية بضرورة "الفرم" والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بوحدة صفنا وتماسكنا، وتارة أخرى بأولوية الأمن على ما عداه، حتى لو كان هذا الأمن كان أولوية لنا منذ زمن، ولم يتحقق منه شيء حتى الآن، لا داخليا ولا خارجيا، بالنظر إلى ما يعانيه المصريون في غالبيتهم اجتماعيا، سواء داخل مصر أو خارجها، حيث قلة المؤونة وتدهور الأحوال وضعف القيمة والمكانة..

حملة "التنطيط" محاولة "رأسمالية"، حلوة دي، لتكريس استغلال المصريين وسحق وعيهم وغسل عقولهم بترهات لن تثبت أمام حقيقة واحدة، وهي أن "الأراجوزات" مهما بلغ علو شأنهم وضجيج صوتهم لن يصبحوا أبدا محترمين!!!