ليس من المبالغة القول أن وسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة، ومنها المدونات، باعتبارها من أقدم الوسائط والآليات الإلكترونية التي دعمت من حضور الشارع في الساحات، كرست البعد بين الناس وعمقت الفوارق فيما بينهم، صحيح أن لها العديد من المزايا، لكن عيوبها هي الغالبة..
هذه حقيقة يعتقد الكثير من الناس بخطأها، ظنا منهم أن أدوات الإعلام الحديث التي عززت من موقع "المواطن الصحفي" أسهمت، وهي كذلك بالفعل، في تشبيك قطاعات واسعة من الرأي العام ببعضها البعض، وإطلاعهم أولا بأول على المستجدات والأحداث حسب موضوعات ومناطق الاهتمام المختلفة سواء كانت في مصر أو في غيرها وسواء كانت حول السياسة أو غيرها من القضايا والملفات..
لكن على الجانب الآخر من الصورة، قدمت وسائل التواصل الإلكتروني هذه حزمة من الآفات في رأيي المتواضع، حيث جعلت كل من هب ودب يفتي، ويكتب بدعوى حرية الرأي، ويبث أسافينه وربما "إفرازاته" التي تنضح من وعائه القذر إلى وسط لا يسعه إلا قراءة سطور وتلغرافات، دون التعمق في معرفة الأشياء أو الإمساك بكل الخيوط، ولا يرضى إلا برأي جهة وطرف واحد دون غيره لمجرد أنه الوحيد الذي اطلع عليه أو رُوج له من جانب إعلامنا الذي يقدم نموذجا في الإعلام الشمولي الموجه في زمن نَدُر فيه ذلك..
رغم أن من حق كل الناس، مثلما هو من حقي أن أكتب وأدلي برأيي وأقبح هذا وأصوب ذاك، لكن ليس من حقي الادعاء بامتلاك الحقيقة وحدي، وإرغام الناس بتبني رأي معين، أو اتهامهم بما ليس فيهم، ودون التثبت من حقيقة ذلك، أو إشاعة البذاءة ونشر الإساءات وتوزيعها على كل ما لا يتوافق معي في الرأي والاتجاه..
والخطير أن هناك من يعتقد بأنه الأقدر على الفهم والاستيعاب والإحاطة والإلمام بـ "عظائم أو سفاسف" الأمور، حسب ما يتراءى لك، وقد يتباهى هؤلاء أو بعضهم على الأقل بأنهم من أوائل الذين امتلكوا حسابات على التيس توك وغيره، وربما يصفهم الإعلاميون الذين لا يجدون جديدا لنشره أو إذاعته بأنهم "ناشطون" انترنتيون..
الغريب أن كثيرا من هؤلاء لا يتورعون عن الإتيان بأقبح الألفاظ والمواقف، والمطلع على سيرهم الذاتية ممن تعاملوا معهم وعاشروهم في عمل أو دراسة يدركون تماما أنهم أدنى من أن يقرأ الواحد آرائهم أصلا، وهم متأكدون في قرارة أنفسهم إما أنه ينقل عن أحد، أو يُروج لأحد، أو مدفوع من أحد، وهو الغالب..
ليس هذا فحسب، انظر لما تفتريه أيدينا على الكيبورد بعد أن نبث سمومنا وأقذر ما فينا على مواقع التواصل هذه، خاصة عندما يصل النقاش والجدل إلى درجة التشبث والتعصب والتطرف في الرأي والاتهام الشخصي بالعمالة والخيانة وما إلى ذلك من اتهامات أصابات أشخاص وعائلات لا ذنب لها سوى أنها محبة للاطلاع والمعرفة، وإلى درجة الانخراط في وخوض معارك واهية ولا ناقة ولا جمل له فيها، وإلى درجة الخروج عن آداب الحوار وعلاقة الزمالة والإنسانية..
انظر لما تشهده مصر حاليا؟! أليس ما يحدث فيها بفعل التيس توك وأعوانه، صحيح أن هناك عوامل رئيسية أخرى، غير أنه يسهم بدور كبير هو الآخر في دعم الفرقة والتشرزم بين الناس..
دعك من كل ذلك ألم تُستخدم هذه الوسائط كأداة للنفخ والإثارة وشن الحروب والمعارك على هذا الرأي أو الاتجاه أو الفصيل أو ذاك، وكلنا يعلم فكرة الحسابات الوهمية وإدارة شبكات من الحسابات التابعة والتي يدفع لها شهريا أو حسب المناسبة لكي تخوض حربا بالوكالة وتسيء لهذا وتشتم ذاك بغض النظر عن المواقف الحقيقية أو الأسباب التي تدعو لذلك..
لما نذهب بعيدا، ألم يوفر التيس توك وأشباهه وسيلة تبرر لنا الاستغناء عن أن نلتقي بشكل حقيقي ومباشر بالأهل والأصدقاء، كي نتبادل الرأي مع بعضنا البعض بوضوح وبعيدا عن أي تأثيرات خارجية، ألم تجعلنا هذه الأدوات نخشى المواجهة المباشرة مع وبين أنفسنا، متخفين وراء شاشات الكمبيوتر واللاب توبات والتابات والهواتف الذكية، ألم تضطرنا إلى الانتباه لها بالنظر فيها ومن ثم التخلي عن أهالينا وربما ترك زملائنا وأشغالنا بدعوى "آخر خبر"، وشفت اللي حصل..
انظر لنفسك عندما تكون وسط ذويك وبين أقرانك، إذا كان التيس توك وغيره يفعل فيك كل ذلك ويجعلك عبدا له دون أن تلقي بالا بما يجري حولك من دعوات ومطالبات ومناقشات، فإنك وأيم الله لم تعد إنسانا، بل آله ككل الآلات التي من حولك..
هذه حقيقة يعتقد الكثير من الناس بخطأها، ظنا منهم أن أدوات الإعلام الحديث التي عززت من موقع "المواطن الصحفي" أسهمت، وهي كذلك بالفعل، في تشبيك قطاعات واسعة من الرأي العام ببعضها البعض، وإطلاعهم أولا بأول على المستجدات والأحداث حسب موضوعات ومناطق الاهتمام المختلفة سواء كانت في مصر أو في غيرها وسواء كانت حول السياسة أو غيرها من القضايا والملفات..
لكن على الجانب الآخر من الصورة، قدمت وسائل التواصل الإلكتروني هذه حزمة من الآفات في رأيي المتواضع، حيث جعلت كل من هب ودب يفتي، ويكتب بدعوى حرية الرأي، ويبث أسافينه وربما "إفرازاته" التي تنضح من وعائه القذر إلى وسط لا يسعه إلا قراءة سطور وتلغرافات، دون التعمق في معرفة الأشياء أو الإمساك بكل الخيوط، ولا يرضى إلا برأي جهة وطرف واحد دون غيره لمجرد أنه الوحيد الذي اطلع عليه أو رُوج له من جانب إعلامنا الذي يقدم نموذجا في الإعلام الشمولي الموجه في زمن نَدُر فيه ذلك..
رغم أن من حق كل الناس، مثلما هو من حقي أن أكتب وأدلي برأيي وأقبح هذا وأصوب ذاك، لكن ليس من حقي الادعاء بامتلاك الحقيقة وحدي، وإرغام الناس بتبني رأي معين، أو اتهامهم بما ليس فيهم، ودون التثبت من حقيقة ذلك، أو إشاعة البذاءة ونشر الإساءات وتوزيعها على كل ما لا يتوافق معي في الرأي والاتجاه..
والخطير أن هناك من يعتقد بأنه الأقدر على الفهم والاستيعاب والإحاطة والإلمام بـ "عظائم أو سفاسف" الأمور، حسب ما يتراءى لك، وقد يتباهى هؤلاء أو بعضهم على الأقل بأنهم من أوائل الذين امتلكوا حسابات على التيس توك وغيره، وربما يصفهم الإعلاميون الذين لا يجدون جديدا لنشره أو إذاعته بأنهم "ناشطون" انترنتيون..
الغريب أن كثيرا من هؤلاء لا يتورعون عن الإتيان بأقبح الألفاظ والمواقف، والمطلع على سيرهم الذاتية ممن تعاملوا معهم وعاشروهم في عمل أو دراسة يدركون تماما أنهم أدنى من أن يقرأ الواحد آرائهم أصلا، وهم متأكدون في قرارة أنفسهم إما أنه ينقل عن أحد، أو يُروج لأحد، أو مدفوع من أحد، وهو الغالب..
ليس هذا فحسب، انظر لما تفتريه أيدينا على الكيبورد بعد أن نبث سمومنا وأقذر ما فينا على مواقع التواصل هذه، خاصة عندما يصل النقاش والجدل إلى درجة التشبث والتعصب والتطرف في الرأي والاتهام الشخصي بالعمالة والخيانة وما إلى ذلك من اتهامات أصابات أشخاص وعائلات لا ذنب لها سوى أنها محبة للاطلاع والمعرفة، وإلى درجة الانخراط في وخوض معارك واهية ولا ناقة ولا جمل له فيها، وإلى درجة الخروج عن آداب الحوار وعلاقة الزمالة والإنسانية..
انظر لما تشهده مصر حاليا؟! أليس ما يحدث فيها بفعل التيس توك وأعوانه، صحيح أن هناك عوامل رئيسية أخرى، غير أنه يسهم بدور كبير هو الآخر في دعم الفرقة والتشرزم بين الناس..
دعك من كل ذلك ألم تُستخدم هذه الوسائط كأداة للنفخ والإثارة وشن الحروب والمعارك على هذا الرأي أو الاتجاه أو الفصيل أو ذاك، وكلنا يعلم فكرة الحسابات الوهمية وإدارة شبكات من الحسابات التابعة والتي يدفع لها شهريا أو حسب المناسبة لكي تخوض حربا بالوكالة وتسيء لهذا وتشتم ذاك بغض النظر عن المواقف الحقيقية أو الأسباب التي تدعو لذلك..
لما نذهب بعيدا، ألم يوفر التيس توك وأشباهه وسيلة تبرر لنا الاستغناء عن أن نلتقي بشكل حقيقي ومباشر بالأهل والأصدقاء، كي نتبادل الرأي مع بعضنا البعض بوضوح وبعيدا عن أي تأثيرات خارجية، ألم تجعلنا هذه الأدوات نخشى المواجهة المباشرة مع وبين أنفسنا، متخفين وراء شاشات الكمبيوتر واللاب توبات والتابات والهواتف الذكية، ألم تضطرنا إلى الانتباه لها بالنظر فيها ومن ثم التخلي عن أهالينا وربما ترك زملائنا وأشغالنا بدعوى "آخر خبر"، وشفت اللي حصل..
انظر لنفسك عندما تكون وسط ذويك وبين أقرانك، إذا كان التيس توك وغيره يفعل فيك كل ذلك ويجعلك عبدا له دون أن تلقي بالا بما يجري حولك من دعوات ومطالبات ومناقشات، فإنك وأيم الله لم تعد إنسانا، بل آله ككل الآلات التي من حولك..