الخميس، 24 أبريل 2014

حماس "الإرهابية" واتصالات مصرية

قذارة لعبة السياسة أنها قد تضطر أطرافها من المتنافسين أو المخالفين أو المتصارعين، أيا كانوا، إلى اللجوء لكل وأي وسيلة تضمن لهم تحقيق مصالحهم، حتى لو وصل الأمر إلى نفي وتصفية وإعدام الآخر بكل وسائل الإعدام المادي والمعنوي...

وبالرغم من أن الأمر قد يكون مبررا في بعض الأحيان على اعتبار أن اللعبة السياسية لعبة انتهازية بامتياز، وقد تكون لعبة صفرية يحقق فيها طرف ما النتيجة كاملة عندما لا يملك غير القوة بديلا للتحاور مع الغير والطرف الآخر..

لكن من غير المبرر أبدا أن يتم إلغاء كل ذلك في لحظة، يغيب فيها الزمن لثوان..

صحيح أن البعض سيؤكد أنه ما دامت اللعبة السياسية براجماتية ومصلحية، فمن الطبيعي التجاوز عن الخلافات، ولو لفترة، مادامت هناك مصلحة ما ستحقق..

لكن الصحيح أيضا أنه لا يمكن تبرير هذا التناقض الصارخ، وفي لحظة واحدة، بين الرفض الكامل ثم التأييد الكامل لطرف أو جهة ما..

الحديث هنا عن الموقف المصري من المصالحة الفلسطينية التي تم الإعلان عنها مؤخرا بين السلطة في الضفة والإخوة الإسلاميين في غزة، وما يعنينا هذا التحول في موقف القاهرة من حماس..

يدرك الجميع أن حماس ذات توجه ديني، وهي قريبة الشبه في فكرها وقيمها من جماعة الإخوان، وعلى صلة واضحة ومباشرة بكوادرها وقادتها، سيما في القاهرة..

كما أنها مكون رئيسي من القضية الفلسطينية، ولا يمكن لهذه القضية أن تُعالج من دون إشراكها في الحل والتسوية، وهو أمر واضح منذ ما قبل العام 2005، عام إعلان الانفصال واستقلال القطاع عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة..

وحماس تسيطر على إقليم كامل من الأرض، وفرضت إرادتها عليه كاملة، بل وتديره كأي سلطات سيادية ونظامية معروفة، بل وتوصف نظريا وعمليا بأنها دولة كاملة الأركان بغض النظر عن الاعتراف بها دوليا..

وقطاع غزة الذي تديره "دولة" حماس على جوار مباشر مع شبه جزيرة سيناء المصرية، التي يُواجَه فيها الخارجين من "الإرهابيين" الآن بما يُواجَه به "القاعديين ـ نسبة إلى القاعدة ومن يحذو حذوها" في جبال اليمن والحدود الأفغانية الباكستانية..

وحماس والقطاع، فضلا عن كل ما سبق، على تماس حاد مع التطورات السياسية التي شهدتها القاهرة في الأشهر الأخيرة على اعتبار أنها اتُهمت صراحة(في مارس 2014) وضمنا بالإرهاب تارة..

 وأنها من أهل وعشيرة النظام الإخواني المخلوع تارة ثانية..

 ووراء بعض التوترات التي تعرضت لها مصر تارة ثالثة..

ولم تعلن موقفا صريحا رافضا للعمليات التخريبية التي شهدتها..

 كما ترفض ما تسميه الانقلاب على الرئيس المنتخب..

 وتعترض على سياسة النظام القديم المتجدد في القاهرة إزائها..

 واتهمته صراحة بالتحريض ضدها، وتأليب إسرائيل والعالم عليها، سيما الدعم الخليجي..

 ناهيك بالطبع عن رفضها لما تسميه الحصار المفروض عليها من جانب السلطات المصرية الجديدة، خاصة في معبر رفح..

في ضوء كل ذلك، تأتي الأنباء بدور واتصالات مصرية، حيث تم السماح لأبو مرزوق بالعودة لغزة لإجراء المفاوضات، وترحيب بالمصالحة التي لم تستطع القاهرة منذ سنوات استغلالها كالعادة، حيث بدا أنها بعيدة بشكل كبير هذه المرة عن الوساطة والتقريب في وجهات النظر بين الإخوة الأشقاء الفلسطينيين..

الغريب أن ما يتردد بشأن الدور المصري أنه تواصل مع حركة أكثر تشددا من حماس، وهي حركة الجهاد الفلسطيني، وتواصلت معها أجهزة الاستخبارات بشقيها العام والحربي، التي تعد من أكبر الأجهزة العميقة في البلد، والتي يقال أنها هي التي تدير الحكم حاليا في القاهرة..

ماذا يعني كل هذا.. لا مبادئ في السياسة، أينما تكون المصلحة فلا صداقة ولا عداوة دائمة، محاولة للتهدئة والتقارب والتواصل من جديد مع الإسلاميين من الإخوان، انعكاس الأمر على الأوضاع في مصر أمر مشكوك فيه..