الثلاثاء، 15 مارس 2016

الثور وبرسيمه

يريد الواحد منا أن يعفي نفسه مما يدور حوله من ملمات..
يحاول جاهدا الابتعاد والنأي بعقله عن القيل والقال وكثرة السؤال..

يدعي غالبا أنه أكبر من كل هذا الضجيج الذي يشغل الآخرون أنفسهم به..
يرى أنه ليس إلا واحدا من بين كُثر ممن أفيء عليهم بالعبط والسذاجة والدهولة..

يأمل التقوقع والتركيز على مخاطبة ذاته دون سواها بدلا من يخاطب آخر غير مكترث..
ينأى كثيرا بنفسه عن الادعاء بأنه من المهتمين أو المبالين بالشأن العام أو حتى الخاص..

يكرس نفسه للعمل من أجل الانضمام سريعا لشريحة "الأنامليين"..
أو حتى اللحاق برَكب حزب "الكنبة"، أيهما أقرب وأأمن وأنفع..
رغم الشروط التعجيزية للراغبين في الارتباط بهما والشراكة معهما..

يجد لنفسه أدوارا أخرى ليلعبها يكون فيها أقدر على الهروب والنوم..
يزعم الانشغال باهتمامات أخرى أثقل وأكبر وأنفع لأهله و"دينه" ودنياه..

تبدأ بمن شتم هذا وسب ذاك وتحرش بهؤلاء واعتدى على أولئك..
ولا تنتهي عند الحياة والمعيشة ولحظة فرح ينتهزها هنا أو هناك..
وبالرغم من ذلك لا تكتمل، وربما لا تأتي أصلا إلا مع طلوع الروح..

يسعى حثيثا وبالواسطة مقدما أوراق اعتماده كي ينتمي لدائرة "التور في برسيمه"..
تفاديا لأي عقبات قد تؤثر في مسيرة حياته المهنية أو تعرقل صعوده سلم اجتماعي..
"واقف" وضيق ومكسورة فيه الدرجات عمدا ولا يؤدي إلا إلى السقوط والخسران..

لكن، هيهات هيهات، تأبى عليه نفسه أن يطفئ النور..
وتمنعه ذاته "المستكبرة" من أن يغمض عينيه..

تخبره بأنه سيظل دائما وأبدا "موعود"..
بالقلق والبحث والسؤال..