الأربعاء، 30 أبريل 2014

لا تعليق على أحكام القضاء

رغم أنه لا يمكن أن تعلق على أحكام القضاء حتى لا تتهم بالإساءة للعدالة، أو تعطيل سير العملية القضائية، المعطلة أصلا بدليل طول مدة التقاضي ومراحله العويصة، أو التأثير على عملية التقاضي، أو غير ذلك من ادعاءات لعل أهمها الخوف من الملاحقة نفسها بتهم واسعة قد تذهب بنا إلى وراء الشمس أو "داهية" كما يقول الإخوة المصريون..

لكن ما يسترعي انتباهك هذا المستوى المتدني من اللا فهم واللا وعي في التعليقات التي انتقدت تعليقات الغرب ـ وعلى رأسهم الولايات المتحدة ومنظمة هيومان رايتس ووتش ـ التي أعلنت رفضها التام لأحكام القضاء المصري الأخيرة، سيما ما يتعلق منها بالإعدامات بالجملة التي نالت من الإخوانجية في صعيد مصر ودلتاها..

ما يعنينا هنا ليس أحكام القضاء، فقد نالت ما نالت من خبراء السياسة والقانون والحقوق ما يجعلها مجرد حبر على ورق بغض النظر عن إمكانية تطبيق أحكام الإعدام من عدمه..

ما يعنينا موقف الحكومة المصرية، وبالذات وزارة الخارجية، وعلى رأسها الوزير نفسه، وسفرائه في المانيا وغيرها من الدول الأوروبية، ممن لا زالوا يتشبثون بالدعوى القائلة أن السلطة التنفيذية لا دخل لها بسلطة القضاء، وأنها لا يمكن أن تعلق على أحكامه..

ما يعنينا موقف الإعلاميين المتحولين من الأحكام نفسها، والتي يبررون فيها فكرة عدم التدخل، ويسوغونها باعتبارها الحجة الأمثل للرد على هذا الهجوم على استقلالية القضاء الوطني الشامخ..

ويعطينا هؤلاء وهؤلاء نموذجا لما يجب أن تكون عليه التبعية والانسحاق والانبطاح الكامل أمام شطحات النظام القديم المتجدد، حيث يزعمون أن موقف دول الغرب من الأحكام مرجعه رفضها لحكم الإعدام ذاته باعتباره حكما ينال من حق الإنسان في الحياة، متجاهلين أن الولايات المتحدة نفسها الرافضة للحكم تطبق بعض ولاياتها الحكم وبطريقة نراها أبشع..

وعندما تدقق في الحجج ورافعيها والمبررين والمسوغين لها، تجد أنها طبيعية جدا مع هذا التدني في مستوى الكوادر المصرية المنتشرة هنا وهناك، ليس الأخلاقي فقط فقد بات أمرا طبيعيا، ولا الإنساني أيضا، وإنما التعليمي والمهني كذلك..

صحفيون ودبلوماسيون وعاملون بالسلك القضائي وغيرهم يقدمون لمصر أسوأ نماذجها، إلا ما رحم ربي طبعا، حتى لا نعمم، ويكشفون عن مستوى متدن من التعليم والحرفية، فضلا عن الوعي بأصول مهنتهم وطبيعتها..

وطبيعي أن يصعد هؤلاء ويرتقون في سلم الهيكل الوظيفي للدولة ويعبرون عنها، فكثير منهم لم يجند أو يعين في وظيفته إلا بتوصية وتقرير أمني، علاوة على اللف والدوران كالأرجوزات وتقديم التنازلات من أجل الصعود في سلك العمل الذي امتهنه وأهانه ولسان حالهم يقولون أنا عتريس أنا بلوة سودة أنا محجوب عبد الدايم..