السبت، 6 سبتمبر 2014

ملفات من الصومعة

الخرس وليس الصمت الزوجي حالة تصيب الزوجين في العادة بعد أن ينتهي الحكي بينهما، ولم يعد هناك من مشترك يجمعهم ويؤلف بين قلوبهم سوى الروتين اليومي وحكم الطبيعة الموسمي...

هذه الحالة لم تعد تقتصر على الأزواج ومن في حكمهم فحسب كالأبناء وأولياء أمورهم والأخوة والأخوات وبعضهم الذين لم يعد يربطهم غير رابطتي الدم البيولوجي والصرف النقدي...

وإنما شملت حالة الخرس هذه الشعوب وحكامهم، السلطة ومن تتسلط عليهم، الأجهزة الرسمية ومن تدير شؤونهم وتتولى تقديم الخدمات لهم، المؤسسات المدنية ومن يراجعها ويضطر للجوء إليها...

تتجلى حالة الخرس هذه بنقائها وصفائها عندنا نحن كمصريين ممن خبروا السلطة الأسمى، وتعاطوا معها منذ القدم وحتى تاريخه، حيث لم يعد هناك أصلا ما يستدعي الكلام أو حتى الإشارة بيننا وبين من يتسيد عرش قلوبنا وأفئدتنا...

الدولة من جهتها تختار ما تراه مناسبا لنا، ونحن من ناحيتنا لا نملك غير القبول بذلك، والدعاء لها بطول العمر والبقاء، ولا يحق لنا الاعتراض أو التعليق، ولا حتى تبادل الاراء لمجرد التنفيس عما يعتمل في صدورنا...

الغريب أن الطبيعة سخرت للدولة وأجهزتها من يدافع عنها في اختياراتها، رغم أنها ليست بحاجة لذلك، ومكن لها من الأفاقين الانتهازيين من يرد عنها النقد الهدام الذي تجابه به من هؤلاء الخونة المعترضين دوما الساخطين بالفطرة...

في حين أن المحكومين المغلوبين على أمرهم ممن لا يجدون من يسمعهم، ولا حيلة، لا يستطيعون حتى أن يعلنوا رفضهم، ولا أن يجأروا بشكواهم، بل ولا يملكون إلا أن يكملوا دورتهم في الحياة،مثل سلفهم الصالح من القدماء، وذلك حتى يستمتعوا بحالة الخرس الزوجي بينهم وبين دولتهم الأم الرؤوم والزوجة الحنون مصر...

وإلا فعلى المصريين المساخيط أن يتقبلوا كل التداعيات الناتجة عن إبداء امتعاضهم وإظهار رفضهم بداية من الرصد والملاحقة وانتهاء بالطرد من نعيمها ومرورا بالطبع بالتأديب والتضييق والاتهام بالعمالة والخيانة والقبض بالدولار...

فضلا بالطبع عن قطع الكهرباء الممنهج وإعادتنا إلى عصور ما قبل الجلة حتى نعود لسابق عهدنا في الذل والخنوع والاستكانة بدعوى الصب الصبر الصبر...