يعتري كل منا في لحظة من لحظات حياته شيئا من الأوهام والهلاوس والضلالات، السمعية منها والبصرية، والحسية في العموم. وتتباين أسباب ذلك حسب الخبراء، وتتراوح شدتها بين المزمنة منها، والعرضية..
فمثلا لا حصرا، لا نظن أن أحدا منا لم يحلم بأن يكون ناجحا قادرا على رعاية أسرته الصغيرة و"الكبيرة"، متمتعا برضا "أهله"، وقبول "عياله"، موفرا لهم حاجاتهم ومطالبهم، "عابرا"
بهم بر الأمان بعيدا عن شبح "الإفلاس" أو "بعبع" اللا أمن..
غير أن الرياح تأتي دائما بما لا تشتهيها الأنفس، أو سفينة القيادة "المترنحة"، حيث يخفق الكثيرون، سيما أولئك المهووسون بمسؤولياتهم "الجسيمة"، في تحقيق أيا من ذلك، أو كل ذلك. ويزعم هؤلاء دوما ممن تعتريهم تخاريف "الأرق" ليل نهار، أن المثبطين هم السبب وراء اضطرابهم الذهني، وظهور أعراض تضخم ذاتهم المرضي، والتوهم بوجود "مؤامرة كونية" تحيط بهم وتفشل جهودهم..
ودائما ما يلقي هؤلاء باللائمة على الشامتين المتشائمين المتآمرين ممن لا يرون غير نصف الكوب الفارغ، ولا أي منجز تحقق، أولئك الذين لا يقدرون جهدا ولا "تضحية"، فضلا عن أعداء الداخل والخارج، وأعباء التركة الثقيلة التي ينوء بحملها الجبال..
ودائما ما يلقي هؤلاء باللائمة على الشامتين المتشائمين المتآمرين ممن لا يرون غير نصف الكوب الفارغ، ولا أي منجز تحقق، أولئك الذين لا يقدرون جهدا ولا "تضحية"، فضلا عن أعداء الداخل والخارج، وأعباء التركة الثقيلة التي ينوء بحملها الجبال..
وهنا تبدو خطورة شطط المهووس العقلي وتجاوزه النفسي وعيشه المحبب لقلبه في الوهم واعتقاده بغير الواقع الحقيقي، حيث يثير كل ذلك الحزن والأسى عند البعض، ما يجعل "أهالينا" من أصحاب القلوب الرحيمة يأسفون على هذه الوعكات "النفسية" التي ألمت بصاحبنا "المهلوس"، بل ويدفع ذلك الأسى بعضهم للترديد "يا ريتني
كنت أنا"، على وزن "شبشب الهنا"، للتعبير عن تعاطفه الإنساني مع المهلوس الذي بحاجة للدعم النفسي والمؤازرة الوجدانية لا "العض" فيه والسخرية منه ..
وبدلا من أن يتفق "الأهل والعشيرة" على اتخاذ إجراء ناجع لعلاج "صاحبنا" المهلوس من "خزعبلاته" التي اجترها غيره كثيرا على مدار التاريخ.. تراهم يخبرونك: حرام، دا غلبان، عيَّان، خليه ياكل "كيك"، ولو على "قفانا"، وفي النهاية يدعون لك بالستر: "ربنا يسترها عليك" حتى لا تقع في وهدة السقوط كما سقط هذا "التَعْبان"..
وهكذا تضيع القضية الأصلية، فرغم أن تحركا قاسيا، ربما يكون مطلوبا، حتى لو كان البتر، لإنقاذ هذا الغلبان التعبان من نفسه بدل "المعاناة" التي يلقاها، ويتسبب بها لمن حوله، تجد نفسك في متاهة "المبرراتية" المدافعين عن سوء الأداء المرضي المتهم به صاحبنا المهلوس، ولا يستطيع الفكاك منه..
لذلك، ليس من المستغرب أن نظل نتباكى جميعا مع صاحبنا على "شقائه المرضي"، وكذلك قدراته وإمكاناته الضعيفة التي يستعطف بها الأراجوزات الفاشلين أمثاله، في حالة "تماهي" شاملة مع شعوره "العميق" بالقلق والخوف من "قادم آت" لا محالة..
ولن يكون بمقدورنا إزاء ذلك سوى الدعاء لصاحبنا بالشفاء والنجاة من محنته..
ولن يكون بمقدورنا إزاء ذلك سوى الدعاء لصاحبنا بالشفاء والنجاة من محنته..
والبقاء نحن في مأساتنا..