الأحد، 25 مايو 2014

"المرشد" السياسي والديني

خلال الأشهر الأخيرة ترددت لفظة "المرشد" كثيرا في وسائل الإعلام المختلفة، ولا زالت، ووُصمت بأقسى وأقذر عبارات يمكن لإنسان أن يتخيلها أو يتعرض لها..

وهذه السمعة السيئة التي نالتها الكلمة ـ أو على وجه التحديد، المسمى الشخصي الذي أُطلقت عليه ـ لم تطلق إلا على عين محددة في إطار الهجوم المصور والشامل الذي وُوجهت به إحدى الجماعات ذات المرجعية الدينية في مصر..

المهم أن الكلمة بسمعتها السيئة تلك التي حصَّلتها جاءت مع حديث السمع والطاعة،  وتقبيل الأيادي ـ وليس "تسلم الأيادي" على غرار الملحمة الشهيرة التي أعقبت الحملة على "المرشد" وأعوانه ـ والتوقير المبالغ فيه لإي قرارات يصدرها هذا "المرشد"، والتزام المريدين دون المتعاطفين بإطاعتها دون مناقشة ـ مثلما زعموا ورددوا ـ كـ "الخراف" كما يحلو للبعض بأن يشير..

والكلمة باعتبارها موجودة وقائمة ولن تذوب أو تضيع في غيابات الجب تشير لهذا "المرشد" أو الواعظ أو القديس أو المختار أو أيا كان اسمه، الذي بإمكانه تحقيق الخلاص للناس وإنقاذهم من النار وإرشادهم للهداية والنور بعد العتمة والضلال..

وهي بهذا المعنى تنصرف فحسب للدور "الديني" الذي يمكن أن يقوم به شخص ما لأتباعه وجماعته من مناصريه ومريديه وربما المتعاطفين معه..

وهي لذلك لا تقتصر على الإسلاميين دون غيرهم، أو الإخوان تحديدا فقط، وإنما تشمل أيضا غيرهم من الفئات والجماعات والطوائف والشرائح سواء من الأديان والمذاهب الأخرى أو حتى من الأحزاب والقوى والفصائل والأطراف المختلفة، إذ لا يخفى أن لكل جماعة، أيا كانت، "مرشدها" الذي توقره وتقدره وربما تنصاع لأمره ولا تستطيع الفكاك من ذلك..

القضية عندما يتجاوز "المرشد" الإطار الديني والروحي له ليشمل بوعظه وإرشاده وتوجيهه المسائل الدنيوية أيضا، وعلى وجه التحديد السياسية منها، وهنا أصاب مرشد الإخوان ما أصابه، عندما أحس الناس أن دوره الديني قد يؤثر على حياتهم الدنيوية والسياسية..

وهنا السؤال الذي يطرح نفسه، هل كان مرشد الإخوان هو وحده من تجاوز هذا الدور المرسوم له كواعظ ديني روحي، أم أنه مثل غيره من الوعاظ والمرشدين..

بمعنى آخر: ألا يعتبر بابا الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية وغيرها "مرشدا" سياسيا هو الآخر بجانب دوره كمرشد روحي..

ألم تضفي عليهم صفتهم الدينية ثقلا ومكانة وأهمية أكبر ليمارسا دورا أكبر في الوعظ والإرشاد السياسي إلى جانب دورهم الديني..

لماذا اعترض البعض على ما قام به مرشد الإخوان، في حين أن بابا الأقباط في مصر شجع أبناء شعبه، صراحة وضمنا، ليصوتوا لهذا الطرف أو ذاك، كما زار إحدى الدول الخليجية، والجميع يدري لماذا، ولم يصدر صوت واحد ليعترض على ذلك..

ألا يوجد تشابه بين ما قام به مرشد مصر وتابعيه، ولو من بعيد، عندما زاروا دول هنا وهناك تحت ستار العمل الاقتصادي، ولا ندري لماذا، وما يقوم به حاليا بابا الكاثوليك عندما يزور الأراضي المقدسة ويدعو لحرية الأديان وحماية مسيحيي الشرق احتفاء بذكرى مر عليها 50 عاما لردم هوة الخلاف بين مسيحيي العالم، وهي ثاني جولة خارجية يقوم بها ويخصصها للشرق الأوسط..