المصريون يريدون شيئا لبلادهم، وهو شيء جيد حسن، ويتطلعون دوما لتكون مصرهم في خير وضع ومكان وحالة..
هذا هو الغالب بالنسبة لعموم المصريين، لكن هناك فئة منهم ربما لا تعنيهم البلاد في كثير أو قليل، لا يهمهم في بلادهم سوى أنها مجرد أرض يقطنون فوقها ويستظلون بسمائها شرط أن تكون قادرة وباستمرار على أن تدر عليهم المال والنفوذ كالبقرة الحلوب التي ما إن ينضب خيرها أو يجف ضرعها، فإنهم يسارعون للبحث عن مكان آخر يستطيعون فيه العيش كالسوائم التي لا همَّ لها سوى الغذاء والتكاثر..
وحتى لا نكون مجحفين، ليس فقط هؤلاء الذين لا تعنيهم البلاد، ولا يهتمون بمصيرها ولا مستقبلها، هناك فئة أخرى على عكس الفئة السابقة، هم الأكثر إحباطا ويأسا من أولئك الأوُّل الذين يرفلون في نعيمها، هم يبررون موقفهم ذاك بأن البلد لم تقدم لهم شيئا حتى يريدون لها الخير، بل ويعتقدون أنها قست عليهم بشكل أو بآخر في إشارة لما قد تعرضوا له من تضييق أو ملاحقة أو غير ذلك..
لكن هناك اختلافين بين هؤلاء وأولئك، الأول: أنه رغم اتفاقهما على أنهما لا يرون في البلد وطنا لهم، فإن الفئة الأولى على استعداد لبيع البلد في أقرب سوق نخاسة يمكن بيعها فيه ما دام ذلك سيضمن لهم استمرارية مصالحهم ومناطق نفوذهم، بينما الفئة الأخرى أقصى ما تفعله "شوية" كلام ضد البلد، ثم الهرب أو الفرار منها بحثا عن بديل يستطيعون فيه العيش دون منغصات أو توترات، أو على الأقل البقاء فيها على مضض ورغما عنهم، ثم يقولون لأنفسهم "خليهم ياكلوها" البلد بلدهم..
الاختلاف الثاني يتعلق بماذا يريد هؤلاء وهؤلاء لبلادهم، والواضح أن المنعمين لا يريدون لها الخير، خاصة إذا ما تقاطع ذلك مع مصالحهم، فالأولوية لهم دون غيرهم، وانظر في ذلك لأصحاب المال والنفوذ والجاه والسلطان، هم مع البلد إذا كانوا هم البلد، وهم ضدها إذا كانت تعمل في غير صالحهم أو ضدهم، هذا في الوقت الذي يرى فيه الساخطون العكس، إذ بالرغم من سخطهم ويأسهم، لكنهم قلبا وقالبا مع أي مسار يصلح البلاد والعباد شريطة أن يكون هذا المسار في صالح العامة والمصريين جميعا، وليس فئة دون أخرى..
المشكلة هنا، كما هو واضح، أن الفئة الأولى هم الأكثر سطوة والأعلى صوتا، خاصة أن البلد لم ينضب خيرها بعد منذ آلاف السنين، حتى أنها لا زالت تُسرق وتدر لبنا وعسلا، ولم يجف ضرعها بعد، ومرجع المشكلة في ارتباط هذه الفئة بما يسميه المتخصصون في نظريات التبعية بالارتباط بالخارج، الذين يحاولون دوما دعم أذرعهم في الداخل وتقوية امتدادتهم حتى يتمكنوا من مواصلة نهب خيرات بلدهم ونقلها لهم..
الخيرات الوطنية هنا لا تقتصر كما هو شائع على الموارد الاقتصادية فحسب، والتخصص في إنتاج المواد الخام، واستيرادها مصنعة بأعلى الأسعار، ولا نقل وتوطين الأنشطة والصناعات الملوثة للبيئة كالسيراميك والأسمنت، ولا استنزاف الموارد الوطنية، ولا التطور علميا والاكتفاء بتخريج عناصر غير مؤهلة ولا مدربة ولا يحتاجها سوق العمل، ولا العمل في الصناعات ذات القيمة المضافة ولا عالية التقنية، ولا غير ذلك..
وإنما إضافة إلى كل ذلك، الموارد الاجتماعية وعناصر القوة السياسية أيضا، ولن نذهب بعيدا، انظروا فقط لما يريدونه من مصر والمصريين الآن، مجرد محلل، مسوغ، قوة عمل بالأجر لا أكثر، تُطلب وقت الحاجة، أراجوزات يحركونهم، فقراء، مساكين، لا هوية لهم، بزرميط كما قالها البعض، لا دور ولا مكانة ولا ثقل، رغم ما صدعونا به بشأن المكانة والمكين والشخصية والمقومات والموارد التي تفرض على البلد أن تكون مشروع قوة إقليمية ورائدة في المنطقة..
مصر التي يريدونها هي مصر التي لا يمكن أن تنافسهم، مصر المسحوقة المنبطحة التي لا يمكن أن تقوم لها قائمة، أو التي لا يمكن أن تؤثر على أو في الآخرين، مجرد كيان لا يحمل سوى رسالة واحدة وهي أن يظل يعمل ويعمل حتى يمنًّ الله عز وجل عليه بالخروج من عنق الزجاجة..
هذا هو الغالب بالنسبة لعموم المصريين، لكن هناك فئة منهم ربما لا تعنيهم البلاد في كثير أو قليل، لا يهمهم في بلادهم سوى أنها مجرد أرض يقطنون فوقها ويستظلون بسمائها شرط أن تكون قادرة وباستمرار على أن تدر عليهم المال والنفوذ كالبقرة الحلوب التي ما إن ينضب خيرها أو يجف ضرعها، فإنهم يسارعون للبحث عن مكان آخر يستطيعون فيه العيش كالسوائم التي لا همَّ لها سوى الغذاء والتكاثر..
وحتى لا نكون مجحفين، ليس فقط هؤلاء الذين لا تعنيهم البلاد، ولا يهتمون بمصيرها ولا مستقبلها، هناك فئة أخرى على عكس الفئة السابقة، هم الأكثر إحباطا ويأسا من أولئك الأوُّل الذين يرفلون في نعيمها، هم يبررون موقفهم ذاك بأن البلد لم تقدم لهم شيئا حتى يريدون لها الخير، بل ويعتقدون أنها قست عليهم بشكل أو بآخر في إشارة لما قد تعرضوا له من تضييق أو ملاحقة أو غير ذلك..
لكن هناك اختلافين بين هؤلاء وأولئك، الأول: أنه رغم اتفاقهما على أنهما لا يرون في البلد وطنا لهم، فإن الفئة الأولى على استعداد لبيع البلد في أقرب سوق نخاسة يمكن بيعها فيه ما دام ذلك سيضمن لهم استمرارية مصالحهم ومناطق نفوذهم، بينما الفئة الأخرى أقصى ما تفعله "شوية" كلام ضد البلد، ثم الهرب أو الفرار منها بحثا عن بديل يستطيعون فيه العيش دون منغصات أو توترات، أو على الأقل البقاء فيها على مضض ورغما عنهم، ثم يقولون لأنفسهم "خليهم ياكلوها" البلد بلدهم..
الاختلاف الثاني يتعلق بماذا يريد هؤلاء وهؤلاء لبلادهم، والواضح أن المنعمين لا يريدون لها الخير، خاصة إذا ما تقاطع ذلك مع مصالحهم، فالأولوية لهم دون غيرهم، وانظر في ذلك لأصحاب المال والنفوذ والجاه والسلطان، هم مع البلد إذا كانوا هم البلد، وهم ضدها إذا كانت تعمل في غير صالحهم أو ضدهم، هذا في الوقت الذي يرى فيه الساخطون العكس، إذ بالرغم من سخطهم ويأسهم، لكنهم قلبا وقالبا مع أي مسار يصلح البلاد والعباد شريطة أن يكون هذا المسار في صالح العامة والمصريين جميعا، وليس فئة دون أخرى..
المشكلة هنا، كما هو واضح، أن الفئة الأولى هم الأكثر سطوة والأعلى صوتا، خاصة أن البلد لم ينضب خيرها بعد منذ آلاف السنين، حتى أنها لا زالت تُسرق وتدر لبنا وعسلا، ولم يجف ضرعها بعد، ومرجع المشكلة في ارتباط هذه الفئة بما يسميه المتخصصون في نظريات التبعية بالارتباط بالخارج، الذين يحاولون دوما دعم أذرعهم في الداخل وتقوية امتدادتهم حتى يتمكنوا من مواصلة نهب خيرات بلدهم ونقلها لهم..
الخيرات الوطنية هنا لا تقتصر كما هو شائع على الموارد الاقتصادية فحسب، والتخصص في إنتاج المواد الخام، واستيرادها مصنعة بأعلى الأسعار، ولا نقل وتوطين الأنشطة والصناعات الملوثة للبيئة كالسيراميك والأسمنت، ولا استنزاف الموارد الوطنية، ولا التطور علميا والاكتفاء بتخريج عناصر غير مؤهلة ولا مدربة ولا يحتاجها سوق العمل، ولا العمل في الصناعات ذات القيمة المضافة ولا عالية التقنية، ولا غير ذلك..
وإنما إضافة إلى كل ذلك، الموارد الاجتماعية وعناصر القوة السياسية أيضا، ولن نذهب بعيدا، انظروا فقط لما يريدونه من مصر والمصريين الآن، مجرد محلل، مسوغ، قوة عمل بالأجر لا أكثر، تُطلب وقت الحاجة، أراجوزات يحركونهم، فقراء، مساكين، لا هوية لهم، بزرميط كما قالها البعض، لا دور ولا مكانة ولا ثقل، رغم ما صدعونا به بشأن المكانة والمكين والشخصية والمقومات والموارد التي تفرض على البلد أن تكون مشروع قوة إقليمية ورائدة في المنطقة..
مصر التي يريدونها هي مصر التي لا يمكن أن تنافسهم، مصر المسحوقة المنبطحة التي لا يمكن أن تقوم لها قائمة، أو التي لا يمكن أن تؤثر على أو في الآخرين، مجرد كيان لا يحمل سوى رسالة واحدة وهي أن يظل يعمل ويعمل حتى يمنًّ الله عز وجل عليه بالخروج من عنق الزجاجة..