الاثنين، 12 مايو 2014

مصر وانتخبوا "الأسد"

لا تظنون اني أقصد بالعنوان أحدا آخر غير الأسد، هذا الرئيس السوري، الذي يقدم نفسه الآن لجماهيره بعد سنوات من القتل والقنص والتشريد والقصف والتدمير كمرشح رئاسي لانتخابات سورية مرتقبة..

وإن كان الأمر لا يخلو من مفارقة غريبة، وهي أن مصر هي الأخرى مقبلة على انتخابات رئاسية، لا تقل في غرابتها عن الانتخابات السورية، حيث ينظر البلاد رئيس قادم على أسنة الرماح وبعد أن تمكن مع نافذيه من استئصال شأفة فصيل كان ولا زال يدعي انه موجود في كل شارع مصري

المهم أن الانتخابات المرتقبة تلك تتزامن مع عودة المواطنين السوريين إلى حمص بعد أن انسحب منها مقاتلوها ومليشياتها وعادت من جديد سيطرة الدولة النظامية على أرجائها..

لا أدري بماذا يمكن أن نفسر هذه التطورات، أهي إعلان جديد بفشل كل تحرك شعبي عربي يطالب بالتغيير؟ أهي تأكيد على أن الساحة العربية كانت وستظل وستبقى بين طرفي نقيض لا يمكن أن يجتمعا؟ السكون التام والصمت المطبق من جانب والحراك غير المنظم والفوضى العنيفة التي تجعلنا نحن للماضي ونمقت أي محاولة لتغييره؟

أهي دليل جديد على أن حربا باردة بين معسكري داحس والغبراء ستسود في المنطقة خلال الفترة المقبلة بعد أن تيقن الجميع أن طرفي النزاع في سوريا حملا بما لا يمكن أن يتحملاه، وصار لكل منهما قواه وداعميه من الداخل والخارج، خاصة مع الحديث الذي تردد عن مقاتلين عرب وأجانب بجانب الثوار السوريين ومن ورائهم دول عربية معروفة في مواجهة قوات نظام أحمق مدعوم من مقاتلي المليشيات العراقية واللبنانية فضلا عن الإيرانية؟

نعم إنه فشل شعبي كبير بعد أن استشعرنا رغبة الناس في أن يعودوا للعيش في بيوتهم المهدمة بغض النظر عن مدى تحقق أهدافهم ومطالبهم في التغيير والإصلاح..

وأن المنطقة العربية ستبقى حتى يقضي الله أمرا ساحة للحروب والمعارك الباردة والاستخباراتية..

   وأنه لا يمكن لأي طرف وحده أن يسود ويغلب دون مشاركة الآخرين، حتى لو كان هؤلاء من المرفوضين، إذ لابد من الاعتراف بذلك والقبول به والعمل من أجل تداركه بإيجاد طريقة وآلية متفق عليها لإدارة الصراع بين المختلفين..

وأنه ليس للعرب القدرة على أن يحلوا خلافاتهم وحدهم فيما بينهم دون أن يلجأ كل فصيل منهم لعون خارجي يدعمه ويثبته ويعزز مواقفه..

 متجاهلين أن هذا الاستدعاء لأدوار أطراف خارجية لن يفيدهم مطلقا بقدر ما يفيد هذه الأطراف ذاتها التي تعبث بموارد المنطقة ومقدراتها وتعزز من مصالحها ومناطق نفوذها ولو على حساب أهل المنطقة الأصليين..