من بين أبرز التغيرات الجيوـ إستراتيجية، كما يقول الإخوة الباحثون المحللون الخبراء المفكرون الإستراتيجيون، التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة أن الحكومات لم تعد تحارب وحدها عبر أجهزتها النظامية والرسمية المعهودة من جيش وشرطة وحرس وقوات درك أو نظام وما إلى ذلك من مسميات..
وإنما تشن مواجهتها الآن عبر آليات أخرى مع أعدائها في الداخل تحديدا، بطبيعة الحال، خاصة مع تراجع فكرة الحروب التقليدية مع أعداء الخارج نتيجة كلفتها الباهظة، والوعي بحقيقة ميزان القوى الذي هو في غير صالحها..
الحكومات في منطقها ذاك مدركة ضرورة البحث دوما عن عدو تستطيع أن تمارس عليه سلطتها أملا في شرعية مفقودة، أو تأكيدا لسطوة مشكوك فيها بمنطق "إضرب المربوط يخاف السايب"، وفي محاولة لكسر إرادة معارضيها حتى لا تقوم لهم قائمة ثانية، على الأقل لحين انتهاء عمرها الافتراضي، وتستطيع جمع ما تقدر عليه لتعويض "الإتاوة" التي دفعتها للحصول على كرسي الحكم..
ونتيجة لما تتعرض له مثل هذه الحكومات من هزائم متلاحقة في مواجهة حراك الناس ضدها، وفي ظل عدم قدرتها على تحقيق النصر في أي ميادين الإنجاز، ومداراتها لخيباتها الثقال أمام المطالبات الشعبية المتزايدة، تفتق ذهنها عن إيجاد ميليشيات تابعة لها تحارب بالنيابة عنها، وتضمن لها تحقيق مصالحها التي لا تستطيع تحقيقها عبر الأجهزة النظامية المعروفة..
جملة اعتراضية: هذا الأمر الأخير فيه مبالغة الآن، خاصة أن الدول لا تتورع عن إقحام أجهزة الردع والقوة الكبرى من جيش وشرطة وغيرهما في مواجهات محسومة سلفا مع "شوية" متظاهرين ربنا أكرمهم وجمعوا بعضهم من هنا وهناك، وحمل بعضهم في غفلة من الزمن أسلحة غير معروف من أين اكتسبوها وكيف يتصرفون فيها وضمنوا لأنفسهم بذلك لقب "إرهابي"..
المهم، أن مثل هذه الآليات غير النظامية في شن الحروب، وفي الانخراط في المواجهات مع الشعوب، وفي القيام بعمليات التأديب والردع ضد المخالفين، سمهم ما شئت، تتعدد في مسمياتها وتتنوع في تشكيلاتها ومن ثم مستوياتها من حيث العدد والإمكانيات والتوزيع الجغرافي..
فقد يكون هؤلاء من المهروسين الطامحين، وربما يكونوا من الانتهازيين المنتفعين، ويمكن أن يكونوا من المؤدلجين الطامعين، وهم في غالبيتهم على استعداد للانخراط في جيوش شعبية مليشياوية على غرار تلك الجيوش والقوات النظامية التقليدية بغض النظر عن شرعية أو مشروعية من تقاتل لحسابه أو جدواه..
سمعنا عن الأنظمة الخاصة والجهاديين وعناصر الجماعات المسلحة والمحاربين من أجل الحرية والمقاتلين العرب والأجانب، كما سمعنا بالطبع عن القمصان السود والزرق والبلطجية والبلاك بلوك والشبيحة والجنجويد والباسيج وفيالق القدس والأقصى والحرس والدعوة، وغيرها الكثير، فضلا عن سيل كبير من المليشيات الدينية المعروفة التي ظهرت في لبنان وسوريا والعراق وإيران والمستعدة للدخول في أي مواجهة إن لزم الأمر..
صحيح أن الظاهرة ليست بجديدة، وحزب الله واحد من أبرز أمثلتها الفاقعة، خاصة في بداية تأسيسه، لكنها ازدادت كثافة ومكانة ورونقا في السنوات القليلة الماضية بعد أن عجزت الدول الوطنية القائمة عن التصدي لمطالبات شعبية قد تكون عادية، لكنها في مفهومها غير جديرة حتى بالنظر إليها أو استيعابها أو احتواء المطالبين بها، ولا تستحق سوى التصدي لها ووأدها في مهدها..
والحكومات في موقفها ذاك، وحتى لا تتهم بتجاوز أو اختراق القانون أو الاعتبارات الإنسانية، اُضطرت، وهي مغلوب على أمرها، أن تنشئ جيوشا شعبية مليشياوية تابعة لها تستطيع بها شن حملاتها "القذرة" التي لا يمكن أن تقوم بها مباشرة..
وهي تستطيع من وراء ستار تحريك هذه المليشيات في أي وقت أو حادثة تشاء، والأمثلة الدالة على ذلك كثيرة، مصر نموذجا، مع توفير الدعم المالي وربما اللوجيستي لها من أسلحة وخرائط وتسهيلات في النقل والحركة وتفادي القانون وأجهزة تنفيذه وربما الخروج والفرار إن لزم الأمر، وغير ذلك الكثير..
ربما لا تدرك الحكومات التي أنشأت مثل هذه الجيوش المليشياوية خطورة ما تحدثه إذا ما تجاوزت هذه الأخيرة السقف المرسوم لها بدعوى أنها تسيطر عليها وتعرف خباياها وتحرك قادتها وتستطيع توقيف عناصرها وربما تنشئ لهم ميليشيا أخرى تستأصلهم..
لكن الحقيقة، وحسب ما هو متعارف عليه، فإن الحكومات لا تستطيع دائما أن تأمن جانب صنيعتها من هذه المليشيات التي لن تتورع هي الأخرى عن مهاجمة ربيبتها حال لم تأخذ الإتاوة المفروضة لها، أو في حال ضُيق عليها، أو في حال من وُجد من يشتريها ويدفع لها أكثر مما يدفعه الراعي الرسمي لها..
وإنما تشن مواجهتها الآن عبر آليات أخرى مع أعدائها في الداخل تحديدا، بطبيعة الحال، خاصة مع تراجع فكرة الحروب التقليدية مع أعداء الخارج نتيجة كلفتها الباهظة، والوعي بحقيقة ميزان القوى الذي هو في غير صالحها..
الحكومات في منطقها ذاك مدركة ضرورة البحث دوما عن عدو تستطيع أن تمارس عليه سلطتها أملا في شرعية مفقودة، أو تأكيدا لسطوة مشكوك فيها بمنطق "إضرب المربوط يخاف السايب"، وفي محاولة لكسر إرادة معارضيها حتى لا تقوم لهم قائمة ثانية، على الأقل لحين انتهاء عمرها الافتراضي، وتستطيع جمع ما تقدر عليه لتعويض "الإتاوة" التي دفعتها للحصول على كرسي الحكم..
ونتيجة لما تتعرض له مثل هذه الحكومات من هزائم متلاحقة في مواجهة حراك الناس ضدها، وفي ظل عدم قدرتها على تحقيق النصر في أي ميادين الإنجاز، ومداراتها لخيباتها الثقال أمام المطالبات الشعبية المتزايدة، تفتق ذهنها عن إيجاد ميليشيات تابعة لها تحارب بالنيابة عنها، وتضمن لها تحقيق مصالحها التي لا تستطيع تحقيقها عبر الأجهزة النظامية المعروفة..
جملة اعتراضية: هذا الأمر الأخير فيه مبالغة الآن، خاصة أن الدول لا تتورع عن إقحام أجهزة الردع والقوة الكبرى من جيش وشرطة وغيرهما في مواجهات محسومة سلفا مع "شوية" متظاهرين ربنا أكرمهم وجمعوا بعضهم من هنا وهناك، وحمل بعضهم في غفلة من الزمن أسلحة غير معروف من أين اكتسبوها وكيف يتصرفون فيها وضمنوا لأنفسهم بذلك لقب "إرهابي"..
المهم، أن مثل هذه الآليات غير النظامية في شن الحروب، وفي الانخراط في المواجهات مع الشعوب، وفي القيام بعمليات التأديب والردع ضد المخالفين، سمهم ما شئت، تتعدد في مسمياتها وتتنوع في تشكيلاتها ومن ثم مستوياتها من حيث العدد والإمكانيات والتوزيع الجغرافي..
فقد يكون هؤلاء من المهروسين الطامحين، وربما يكونوا من الانتهازيين المنتفعين، ويمكن أن يكونوا من المؤدلجين الطامعين، وهم في غالبيتهم على استعداد للانخراط في جيوش شعبية مليشياوية على غرار تلك الجيوش والقوات النظامية التقليدية بغض النظر عن شرعية أو مشروعية من تقاتل لحسابه أو جدواه..
سمعنا عن الأنظمة الخاصة والجهاديين وعناصر الجماعات المسلحة والمحاربين من أجل الحرية والمقاتلين العرب والأجانب، كما سمعنا بالطبع عن القمصان السود والزرق والبلطجية والبلاك بلوك والشبيحة والجنجويد والباسيج وفيالق القدس والأقصى والحرس والدعوة، وغيرها الكثير، فضلا عن سيل كبير من المليشيات الدينية المعروفة التي ظهرت في لبنان وسوريا والعراق وإيران والمستعدة للدخول في أي مواجهة إن لزم الأمر..
صحيح أن الظاهرة ليست بجديدة، وحزب الله واحد من أبرز أمثلتها الفاقعة، خاصة في بداية تأسيسه، لكنها ازدادت كثافة ومكانة ورونقا في السنوات القليلة الماضية بعد أن عجزت الدول الوطنية القائمة عن التصدي لمطالبات شعبية قد تكون عادية، لكنها في مفهومها غير جديرة حتى بالنظر إليها أو استيعابها أو احتواء المطالبين بها، ولا تستحق سوى التصدي لها ووأدها في مهدها..
والحكومات في موقفها ذاك، وحتى لا تتهم بتجاوز أو اختراق القانون أو الاعتبارات الإنسانية، اُضطرت، وهي مغلوب على أمرها، أن تنشئ جيوشا شعبية مليشياوية تابعة لها تستطيع بها شن حملاتها "القذرة" التي لا يمكن أن تقوم بها مباشرة..
وهي تستطيع من وراء ستار تحريك هذه المليشيات في أي وقت أو حادثة تشاء، والأمثلة الدالة على ذلك كثيرة، مصر نموذجا، مع توفير الدعم المالي وربما اللوجيستي لها من أسلحة وخرائط وتسهيلات في النقل والحركة وتفادي القانون وأجهزة تنفيذه وربما الخروج والفرار إن لزم الأمر، وغير ذلك الكثير..
ربما لا تدرك الحكومات التي أنشأت مثل هذه الجيوش المليشياوية خطورة ما تحدثه إذا ما تجاوزت هذه الأخيرة السقف المرسوم لها بدعوى أنها تسيطر عليها وتعرف خباياها وتحرك قادتها وتستطيع توقيف عناصرها وربما تنشئ لهم ميليشيا أخرى تستأصلهم..
لكن الحقيقة، وحسب ما هو متعارف عليه، فإن الحكومات لا تستطيع دائما أن تأمن جانب صنيعتها من هذه المليشيات التي لن تتورع هي الأخرى عن مهاجمة ربيبتها حال لم تأخذ الإتاوة المفروضة لها، أو في حال ضُيق عليها، أو في حال من وُجد من يشتريها ويدفع لها أكثر مما يدفعه الراعي الرسمي لها..