الأحد، 18 مايو 2014

الاتنين حرامية

هذه حقيقة لا مراء فيها، فكل طرف منهما يحمل الآخر مسؤولية تردي أوضاع البلد، ويبدو أن لكل منهما أجندته الخاصة، والأهم أن الطرفين لا يعملون لحساب الناس، الغلابة منهم تحديدا، ولا لحساب البلد التي يتشدقون بها، ولا يعنيهم في كثير ولا قليل إلا مصالحهم ومصالح الجماعات والقوى التي ينتمون لها والقواعد الشعبية التي يدعون بأنهم يمثلونها..

الحقيقة المرة إنها حرب مصالح ونفوذ بين حيتان وهوامير مصر، ولأي منهما ستكون له الغلبة في صراع النخب الحاصل حاليا في البلاد بين الأضداد وأعوانهم ومريديهم والتابعين لهم من كلا الجانبين..


انظر لما يفعله العسكر الآن بالتعاون مع رجال الأعمال وأركان النظام السابق وغيرهم من إعلاميين وقضاه في محاولة لاستئصال شأفة المنافسين لهم من الإسلاميين عموما والإخوان بشكل خاص..

 انظروا فيما يتعلق بإقرار دستور معيب، والدعوة لانتخابات غير جديرة بالاحترام، على الأقل من وجهة نظر البعض، حتى لو كان هذا البعض لا يعتد به في ميزان الثقل السياسي..

انظروا أيضا لإجراء انتخابات رئاسية لم تتوفر لها الحدود الدنيا من المنافسة، ولن أقول النزاهة والموضوعية والحيدة، خاصة مع وجود مرشح لأكبر مؤسسة في الدولة وانسحاب الاتحاد الأوروبي من مراقبة العملية، وذلك الاحتفاء الغريب بكثافة التصويت للمصريين في الخارج، فيما يعد مخالفة قانونية واضحة، ومحاولة غير مباشرة لتوجيه التصويت في اتجاه معين..

انظروا لكل هذا، وعودوا بأذهانكم قليلا إلى الوراء عندما وعد الإخوان بأنهم لن يتقدموا للسباق الرئاسي، وأنهم لن يكون لهم الغلبة في البرلمان، ولن يترشحوا في كل الدوائر، وأن دستورهم سيتم إقراره بالتوافق، وأنهم على استعداد للتعاون مع كل القوى والفصائل السياسية، وأنهم سيطمئنون مخاوف الجميع، وفي مقدمتهم أصحاب السلطة والنفوذ القدامى والبيروقراطية المصرية العتيدة فضلا عن الأقباط والليبراليين واليساريين وغيرهم..

انظروا لكل هذه الوعود المبشرات وغيرها مما لا يتسع المجال هنا لذكره، ثم نفاجئ بما قاموا به وأقدموا عليه، والذي أودى ـ بجانب أسباب أخرى معروفة ـ بمستقبلهم السياسي برمته..

ألا يعني كل ما حدث ويحدث أن الطرفين حرامية، ويحاولون الاستئثار وحدهم ودون غيرهم بالكعكة المصرية؟

هل يهمهم شأن الناس، وسعوا لإجراءات مادية فعلية للتخفيف عنهم، كله كلام ووعود، بل العكس هو ما حدث، وإن الإجراءات المتخذة سواء كانت من هذا أو من ذاك كانت جبائية أكثر منها استرضائية وتوزيعية؟