الجمعة، 17 أكتوبر 2014

حديث أهل "البيزبس"

كلمة السر هي البيزنس..

وراء كل مصيبة في العادة انتهازيين لا يهمهم سوى أولوية مصالحهم بغض النظر عن مصالح المجموع..

صحيح أن من يشرعن لهؤلاء ممارساتهم مريدو حزب الكنبة وروادهم من الضعفاء ممن يرفعون شعاراتهم المأثورة: "كل عيش" و"عش عيشة أهلك" و"امش جنب الحيط" و"عش نملة تاكل سكر"..

وذلك مثلما أبدع المصري القديم ـ عبد المأمور ـ الجالس أمام سيده يطلب منه السماح والغفران والمن بما قد تجود به نفسه عليه، أو على الأقل، مترجيا منه أن يمنع عنه رزالته وسماجته، ويوقف ـ ولو قليلا ـ نهبه لماليته واستغلاله وتسخيره لقدراته وموارد قوته...

غير أن هؤلاء الذين استكبروا وتطاولوا بأموالهم يتحملون بلا أي شك المسؤولية الكبرى عما يعيشه المصريون الآن، خاصة في ظل تحالفهم الراسخ والطويل والتليد والوطيد مع أصحاب السطوة والنفوذ في المؤسسات القوية...

عندما تدقق، تجد أن وراء كل قرار سلبي اُتخذ بحق الناس، أو يمكن أن يُتخذ، رجل أعمال له مصلحة يسعى من أجل تحقيقها، خاصة لجهة حماية أمواله التي يتشارك فيها مع من يحمونها، ولجهة مواصلة الاغتراف من مالية الدولة وجيوب المطحونين خلسة وعمدا وتحديا..

شركات الأمن الخاصة ونقل الأموال والحراسات، وعلى رأسها فالكون وغيرها التي ملَّوا آذاننا بها في الفترة الأخيرة، هي نموذج واضح وصارخ لفكرة التحالف بين أصحاب السطوة والنفوذ، والمال، في بلدنا...

ولا نأتي بجديد هنا عندما نشير إلى أن الشركة وقريباتها وشبيهاتها هي كلها "بينزس" خاص لرجال أمن سابقين، وربما حاليين، ممولين من رجال أعمال لا يُعرف من أين أتوا بفلوسهم، ويمثلون في الغالب الأعم مجرد "واجهة" للكبار...

ولماذا نذهب بعيدا، فمدير الشركة المذكورة وكيل مخابرات حربية سابق، مثلما تردد، وعمل مديرا لأمن التلفزيون في فترة سابقة، وهو واحد من بين كثيرين يرأسون ويديرون ويستفيدون من بيزنس الخدمات الأمنية في البلد المنكوب ببعض ناسه...

ولماذا نستغرب قيام الشركة المذكورة بحفظ أمن الجامعات المصرية بعقد تفوق قيمته الملايين التي لو أنفقت على التعليم لكان خيرا له، فالقائمون عليها، مثلما أشير، ينتمون لفئة كبار رجال الأعمال من الهوامير، ممن كان لهم دورهم في إسقاط نظم ودعم أخرى، ومن ثم كان لابد من تعويض جزء من خسائرهم ونفقاتهم التي أنفقونها، ودفع ثمن مواقفهم بعقد بيزنس مربح...

وهو ما يضاف لحديث آخر يتردد عن وقف رخصة الهاتف المحمول الرابعة لرفض الشركات القائمة، ومنها شركة صاحبنا، المتسيدة على السوق، ولو على حساب الشركة الوطنية التي تحقق خسائر متواصة بعد استغناء الناس عن الهواتف الثابتة...

بل هناك ما هو أخطر أن هناك أجهزة رسمية تقدم خبراتها وخدماتها لمن يدفع، وهي للعلم خدمات مقننة على غرار تلك التي تقدم في أقسام اللغة الإنجليزية والفرنسية ببعض الجامعات والمدارس والمؤسسات والأندية الحكومية، التي تطالب بتحقيق ربح من منشآتها ومرافقها...

فلماذا إذن الاستغراب..