الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

لم يكن أمامها غير ذاك

لم يكن أمامها غير أن تضع مولودها "مستقبل البلد الساخط" خارج أبواب المستشفى..

هي حالة ضمن حالات عديدة لا تكشف فحسب عن تردي مستوى الأداء في المستشفيات الحكومية، ومن المؤكد غيرها من الأجهزة...

وإنما تعكس التحول السيء في أخلاقنا نحن المصريين، سيما الذين يملكون حق المنح والمنع في المواقع المختلفة، وليس فقط أولئك المهنيون من رسل وملائكة الرحمة، الأطباء والممرضات...

لن تستطيع أن تجري عملية جراحية، حتى لو كان لديك تأمين صحي يغطي التكلفة، دون أن تلف "كعب داير" على المعارف والمكاتب والأطباء حتى يرق قلبهم لحالتك ويضعوك على قائمة الانتظار ويخصصوا لك سريرا ويفتحوا لك غرفة العمليات...

وبعد أن تقوم بكل ذلك...
وبافتراض أنك ما زلت حيا ترزق، يضحك على نفسه، ويدعي أنه حي، لكنه الموت البطيء...
ولم يستدن أهلك من هذا وذاك ليوفروا لك تكاليف العملية الجراحية حتى تذهب لما يمكن تسميته مستشفى خاص، ربما يكون غير مؤهل، وهو ليس كذلك بالفعل....
يتعين عليك أن "تتبرع" إما أنت أو أحد من أفراد أهلك البؤساء الذين يعانون فقر الدم أصلا، ورغما عنهم، بالدم...

ليس هذا فحسب، بل عليك، وبعد أن تمر بنجاح على كل هذه المراحل، بتوفير مستلزمات عمليتك الجراحية حتى لو كانت مجرد فتق، من قطن وشاش ومطهرات وأدوية وغير ذلك، ولا تنتظر أن يوفرها أحد لك...

ألم يكفك أنهم فتحوا لك المستشفى ووفروا لك سريرا وغرفة العمليات بالمجان، ويجروا العملية لك دون مقابل، كما يدعون...

بطبيعة الحال لا يضمن لك أحد بعد ذلك أن تعيش وتحيا وتأمل في غد أكثر صحة وعافية دون أن تشكو ألما أو وجعا، فهذا أمر في علم الغيب...

عليك فقط أن ترجو أن يكونوا رحماء بك بعد أن يفرغوا من تدريب الأطباء والممرضين، أن يسلموا جثتك لأهلك كاملة دون أن يقتطعوا منها أي عضو ـ عين قلب كلوة ـ يباع في سوق النخاسة بالشيء الفلاني...