‏إظهار الرسائل ذات التسميات حرية الإبداع، مغازلة الإسلاميين. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حرية الإبداع، مغازلة الإسلاميين. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 26 يونيو 2014

الابداع المصري

.. والمبدعون المصريون مصطلح اُصطلح على "رفعه" ضد من يسمونهم الظلاميين الرجعيين وحدهم، دون غيرهم، ممن ينتسبون أو ينتمون لذوي الاتجاهات الدينية المتطرفة، الإسلاميين تحديدا، دون لف أو دوران..

وعندما تبحث عن مكنون هذا الإبداع، وطبيعة هؤلاء المبدعين، لا تجد شيئا يذكر، مجرد دراما تلفزيونية وإذاعية وربما سينمائية مكررة ورواية لا يقرأها أحد ولم يبذل فيها الجهد الكافي في أي عمل مطلوب..

إبداع يقتصر على النقل وما يسمونه "التمصير" حتى يداروا خيباتهم في الغش والتدليس والنقل المبتور من بنات أفكار المبدعين الحقيقيين في العالم الخارجي..
إبداع لا يهدف إلا إلى الإلهاء والتوجيه وغسل الأدمغة، وليس تنمية العقل والفكر والوعي والوجدان..
إبداع لا غرض له سوى التهجم على الثوابت والأعراف والتقاليد وكيفية اختراقها وتجاوزها..
إبداع لا يعنيه غير رصد وتضخيم سيئات المجتمع وخيباته في البلطجة والفساد والشذوذ والانحراف..
إبداع يتركز اهتمامه على غرف النوم والرقص والإسقاطات والإيحاءات الجنسية دون أن يلقي بالا للمرأة التي يستغلها في الترويج لإبداعه "المحرم" دينا وخلقا، رغم ادعائه بأنه إبداع يحمي المراة وحقوقها ويحترمها ويقدرها..

إبداع لا يتجاوز حدود مصر المحروسة، وربما بعض أجزاء العالم العربي، وليس كله حتى في ظل الظروف الحالية، التي تزداد فيها وسائل الترفيه وتنوعها، وتكثر فيها عملية المنافسة التي فرضتها الدراما الهندية والتركية وربما السورية والعربية الأخرى..

إبداع لا يشاهده سوى المصريين الغلابة الذين يتفنون في تضييع وقتهم لإلهاء أنفسهم عن التفكير في شؤونهم وأوضاعهم وكيفية تحسينها، ولا يجدون وسائل ترفيه أخرى أو أفضل أو أهم مما يتاح لهم أو يفرض عليهم عبر هذا السيل من الفضائيات التي لا تبدع سوى في الإعلان التجاري..

إبداع لم يتطرق لا للمؤلفات ولا الاختراعات ولا البحوث ولا الدراسات ولا الكتب ولا التقنيات ولا المشروعات ولا التطبيقات في شتى المعارف والعلوم والمجالات والقطاعات المدنية والعسكرية..

إبداع لم يستطع أن يعالج مشكلة، ولا يرصد مسبباتها بشفافية ونزاهة دون غرض لاتجاه أو لفصيل أو لحزب أو لسياسة، ولا أن يوجه الرأي العام لها، ولا يكتل الشارع والدولة والأجهزة ناحيتها، ولا حتى يكون رأي وموقف بخصوصها..

لماذا إذا هذا الحرص على حماية الإبداع والمبدعين المصريين في المجالات "الفنية والرقصية" دون غيرهما من المجالات التي يمكن أن تخرج المصريين من حالة إلى حالة، وتضعهم لأول مرة ضمن الشعوب "الحية" صاحبة المشروعات التي تنافس القوى الكبرى الآن..

لماذا لا يبدع المصريون كما أبدعت الشعوب "العاملة" بجد واجتهاد في تايوان والصين وبنجلاديش والهند رغم ما قد يواجهونه من مصاعب وتحديات، لكنك تراهم الآن على خريطة العالم، وربما تجدهم مستقبلا ينافسون بقوة على صدارة المشهد..

اتخيل مرات ومرات كيف يمكن أن يصبح الحال في كثير من الدول المتقدمة والنامية على السواء إذا ما رفض العمال الصينيون أو الهنود أو البنغاليين مواصلة العمل في كل خطوط إنتاج الشركات الدولية الكبرى متعددة الجنسيات...

افترض أن الإبداع والمبدعين المصريين لا يقف ولا ينبغي أن يقف عند هؤلاء "الفنانين والراقصين" الذين لا يعنيهم سوى أنفسهم وصورتهم وحضورهم المميز، وكيف يمكن أن يحصًِلوا أكبر أجر ممكن على شيء تافه، فقط لملء ساعات الفضائيات التي لا تجد شيئا لبثه..

يمكن للمبدعين المصريين، ولو على مستوى الدراما والسينما، أن يخرجوا لنا برنامجا وثائقيا يبدعون فيه عن أي فترة من فترات تاريخ البلد المسروق والمشوه..
يمكن لهم أن يخرجوا ويشاركوا برأي وموقف في قضية إنسانية، محلية وإقليمية ودولية..
يمكن لهم أن يرونا مصر الحقيقية والعالم بتواجدهم في ساحات التوتر والفوضى والقلق..
يمكن لهم أن يبذلوا جهدا مضاعفا وينتجوا مادة جيدة تنافس نظيراتها العالمية وتستطيع التواجد على الساحة وتكشف صور مصر الحقيقية..
يمكن لهم أن يقدموا مسرحا حقيقيا بعيدا عن الهلس والضحك الممقوت والممل..
يمكن لهم أن يسهموا في رفع المعاناة والتخفيف عن الناس ببناء مدرسة ولا حتى مستوصف..
يمكن لهم أن يمولوا قناة واحدة محترمة على غرار ناشيونا جيوجرافيك ولا ديسكفري ولا غيرها..
يمكن لهم أن يريحونا ويكفونا شر النظر لسواءتهم ومتابعة أعمالهم وأخبارهم التافهة الحقيرة..

الثلاثاء، 22 أبريل 2014

الدولة تغازل "الإسلاميين" كما تغازل غيرهم

كان يمكن فهم موقف الدولة المصرية من فيلم "حلاوة روح" لو كانت الحكومة بها تابعة للنظام الإخواني المعزول..

وكان من الطبيعي وقتها أن يتجه النظام "الديني" إلى حظر وتجميد حركة الإبداع المصرية، وهي حركة دؤوبة بصراحة ومتقدمة وتضارع نظيرتها في الغرب، بل وسوف يكون من المبرر له ـ بافتراض أنه نجح في أن يستمر بالحكم ـ أن يوقف الفيلم آنذاك ..

    وبالرغم من أن هناك تجربة عايشناها جميعا عندما حاول هذا النظام الإخواني أن يوقف عددا من المحسوبين على حركة الإبداع، مديرو هيئة قصور الثقافة والأوبرا وقيادتهم الذين اُتهموا من جانب الإخوان بالفساد والتسيب وربما الانحلال، لا أتذكر..

المهم أن الجميع انبرى للدفاع عن هؤلاء في مواجهة الدولة "الدينية" المذعورة التي كانت تسعى وقتها للتغلغل والانخراط والتوغل والتمكين في صميم مفاصل الدولة، لكنها لم تفلح، ووجهت هذه القرارات بحملة شرسة قادها قادة الإبداع وحرية الرأي المصري الذين رفضوا الإذعان لقرارات تحويل مصر لمصرستان..

لا يفاجئنا اليوم أي من الأمور التالية، الأول: أن من يقوم على حماية العقيدة وحراستها نظام موغل في موقفه من الدينيين عموما، وليس الإسلاميين فحسب، والإخوانيين بشكل خاص، إن صحت هذه التعبيرات لغويا.. وهو بالرغم من ذلك يتجه لتقييد حرية الفن والإبداع والريادة المصرية في هذا المجال بدعوى خدش الحياء العام والتشويه بصورة مصر المشرقة التي يبدو أنها تلطخت بفعل هذه القلة المندسة من المبدعين..

الثاني: أن الفيلم المذكور ورغم أننا لم نراه، لا يبتعد كثيرا عن تلك الأفلام التي يتردد صداها هنا وهناك، ويتم بثها ليلا نهارا على فضائيات الإعلانات المعروفة، والتي وُجدت بكثافة خلال الفترة الأخيرة، وهي أفلام أقل ما توصف به بأنها إباحية صريحة، ولا تصلح إلا للمشاهدين فوق الـ 18 عاما بما تحويه من مشاهد غرف النوم واللغة المبتذلة القبيحة التي تحمل جميعها إيحاءات ودلالات جنسية، بل وتروج للرزيلة وتضرب، وليس فقط تشوه، صورة مصر في القلب وعلى الحواف أيضا..

الثالث: أن الدولة المصرية يبدو أنه لا يعنيها لا دين ولا نظام ولا فساد ولا غيره، وإنما يعنيها حشد التأييد لمواقفها، وفقط، وإعطاء كل ذي حق حقه الذي لا يمس حقها بالطبع، بمعنى أنها تخطب ود الشارع المتعاطف مع الدين ومن الأخلاق بوقف فيلم ما أو منع عرضه، وهي في موقفها من حركة الإبداع على استعداد لإقناعنا بأنها من رواد هذه الحركة الرائدة في المنطقة حتى لو وصل الأمر إلى تنظيم واستضافة حفل راقص على شاطئ المعمورة..

وهكذا تبدو جلية حقيقة أن الدولة لا وجه ولا مبادئ ولا موقف لها.. فقط وراء كل ما يضمن لها الدعم والمؤزارة من النخب سواء كانوا من الإسلاميين أو من غيرهم ومن الشارع المنساق من خلفهما..