‏إظهار الرسائل ذات التسميات الشعوب الكادحة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الشعوب الكادحة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

المغيبون طواعية

قانونا، وليس إنسانيا..
للطرف الآخر الحق  في فرصة كافية للتعبير عن نفسه..
كما للمتهم الحق أن يرد الاتهامات التي توجه له..

وهذا الحق ليس لهؤلاء المستضعفين وحدهم..
وإنما للمغيبين بمزاجهم، ورغما عنهم..
وكذلك للحالمين بالمعرفة والتقييم الموضوعي..

الهدف..
التعرف على الجانب الآخر من الحقيقة..
النأي بأنفسهم وعقولهم عن شبهة التبعية لأحد...
الخروج من وهدة التجهيل المتعمد والتعتيم الحاصل...

حتى لا يُساقون إلى الموت وهم يُنظرون..
أو الانسياق كغيرهم وراء مريديهم وعبيد إحساناتهم..



الأحد، 12 أكتوبر 2014

القضية.. الإنسان لا غيره

ما الذي يمكن أن يجمع بين معدية الموت في المنيا..
ومقتل ثمانية في حادث ثأر جديد بأسيوط..
وحادث أشمون وتبعاته الذي قتل فيه شاب على يد مخبر بطريق الخطأ، مثلما أُعلن ..
وذكرى ماسبيرو التي يحتفون بها بعيدا عن سؤال الأزمة بشأن المسؤول عنها...
وأخيرا وليس آخر حادث أدفو أسوان الذي نتباكى عليه الآن بعد كتابة هذه التدوينة بأيام...

ما الرابط الذي يمكن أن يؤلف بين كل هذه الأحداث المأساوية..
والتي تستدعي جميعها حوادث فاجعة أخرى على غرارها في الشبه والقرب...
ولن نقول في محمد محمود والمقطم وفي رابعة وفي غيرها..
وإنما في البدرشين والدلجمون والدلنجات وغيرها...

إنه الإنسان الذي لا قيمة له في حساب النافذين..
المصري، ابن البطة السودا، الذي لا دية له والتي لا تتجاوز ثمن موبايل بكاميرا...

إنه الراعي الرسمي لكل هذه الحوادث...
الدولة الطرية وربما الغائبة..
المجتمع المنهمك باحتفالاته التافهة..
المؤسسات والنخب القادرة على بيع الناس بأبخس الأثمان ولمن يدفع أكثر...
الانتهازيين ممن يتسلقون على أكتاف الغير...
المطحونين من مريدي حزب الكنبة الذين يقولون هل من مزيد...

الاثنين، 29 سبتمبر 2014

ماض لن يعود

الحنين إلى الماضي والنظر للمستقبل..

هما أساس الاختلاف بيننا وبين غيرنا ممن تقدم وانتقل وتحرك من وضعية لأخرى ولم يركن لحاله مستندا لتاريخ تليد عفا عليه الزمان..

ترانا نردد كلمات الزمن الجميل، حضارات مجيدة، شخصيات عظيمة نتباكى عليها، ولا نقول مستقبل مبشر، ولا غد مشرق، ولا قادة أمل برؤية مغايرة لأيامنا القادمات..

نجح الغير بشكل كبير في ألا يكونوا أسارى لتاريخهم بكل مآسيه ومنجزاته، تركوه في الكتب والمجلدات ليتعلموا منه ويستخلصوا منه الدروس والعبر...

بينما بقينا نحن مقيدين بماضينا الحافل بالهموم والزلات مستمسكين بلحظات قليلة من النجاحات التي نأمل عودتها دون أن نعمل من أجلها...


الأحد، 14 سبتمبر 2014

محقود طبقيا

 قبل عدة أيام، تردد أن سكان حي الزمالك الراقي ـ كما يقولون ـ رفضوا للمرة الثانية في غضون عام فكرة إنشاء محطة خاصة بمترو أنفاق الخط الثالث على أراضي الجزيرة التي مُلئت خيرا وعدلا بعد أن مُلئت جورا وظلما...

وجاء هذا الرفض الثابت بعد أن أُجري حوار مجتمعي بين مسؤول بهيئة الأنفاق المكلفة بإنشاء الخط وعددا من كبار سكان الحي الذين تم التفاوض معهم حول مرئياتهم بخصوص المحطة المنتظر إنشائها بالجزيرة المكدسة بمبانيها وطرقها وحجم الداخلين لها والخارجين منها..

نظن، وبعض الظن ليبس إثما، أن هذه هي المرة الأولى التي يُعقد فيها حوار بهذا الشكل في مصر، ولم يتردد هذا اللفظ كثيرا إلا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وقبل مناقشة الموضوعات السياسية الكبرى دون غيرها من الملفات والقضايا المجتمعية العادية...

الأسئلة التي تطرح نفسها هنا: لماذا الدولة كانت مضطرة في هذه الحالة دون غيرها لاستشارة أهالي وسكان الحي الراقي رغم أنها أنشئت قبل ذلك العديد من المحطات وأعاقت المرور بالكثير من المناطق، ولعل ما حدث في العباسية خلال السنتين الأخيرتين وقطع أرزاق محلات الكثير من الناس بسبب الإشغالات دليلا على ذلك...

ما الذي يملكه أهل الزمالك، ولا يملكه غيرهم من أهالي كوبري الخشب والمؤسسة وعزبة الوالدة وعرب الحصن، لإعلان رفضهم لفكرة المحطة، والتمسك بهذا الرفض لمرتين، والإصرار عليه لدرجة التهديد بعدم تمرير الخط الثالث أصلا من تحت أساسيات وأركان بيوتهم وفيلاتهم العتيقة..

هل الدولة بهذه الدرجة من التحسس والالتزام برغبات الناس لدرجة التفاوض معهم في شأن ربما يكون حياتيا للكثير ممن اعتادوا استخدام مترو الأنفاق بدلا من أن يعلقوا في طرقات وشوارع القاهرة التي انفجرت من حجم مرتاديها وسياراتها المتهالكة، وأين كان هذا لاتحسس والالتزام بآراء الناس والتفاوض معهم عندما أُنشيء خطان للمترو ونصف الخط الثالث...

ما الذي يجعل سكان حي الزمالك الراقي ـ كما يرون في أنفسهم ـ قادرين على رفض رغبة الدولة في إنشاء المحطة، ومتطلبات الخط الثالث ورغبات الناس في وجودها، سيما لأولئك الذين لا يملكون سيارات، ولا القدرة على تحمل أجور سيارات التاكسي، ولا تحمل تكدس المرور بشوارع الحي المزدحم التي لا تطيق دخول سيارات ولا حافلات ولا مراجعين إضافيين إليها..

هل يمكن أن يأمل أهالي المناطق الفقيرة أن تنظر لهم الدولة بنفس النظرة التي تنظر بها لأهالي حي الزمالك، وتأخذ في اعتبارها رغباتهم ورؤاهم عندما تنشيء هناك مشروعا للصرف الصحي، أو تعيد تخطيط المرور بها، أو أن تقرر بناء مصنع ملوث للبيئة على تخومها، أو عندما ترفض بناء مجمعات للمدارس تحتاجها مثل هذه المناطق بدلا من بيع أراضي القطاع العام بها لتشييد الأبراج السكنية على شوارعها الرئيسية...

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

حشاكيل في مواجهة مستضعفين



نكبة الشعوب العربية لم يكن سببها، وحدهم، هؤلاء الذين يتدثرون بغطاء الدين، ويستغلونه شعارا وطقوسا لتحقيق أغراضهم وأهوائهم الخاصة، كما يزعم البعض الآن...

إنما تعود هذه النكبة بالأساس، أو قل الوكسة، إلى هؤلاء ممن يدعون بأنهم رموز المجتمع الذين لم يكن ديدنهم غير التقليد الأعمى والتبعية للغير ونقل قشور التحضر الزائفة من الشرق والغرب ولو على حساب مصالحه وفكره وقيمه وثقافته الأصيلة...

إضافة إلى هؤلاء التابعين الأذلاء الذين تراهم في كل واد يهيمون من غير الشعراء، الغاوون المطبلاتية من الذين سخط الله عليهم ليلبسوا الحق باطلا ابتغاء منحة أو أملا في مكرمة أو طمعا في منصب ونفوذ أو رغبة في مال وثراء سريع ...

وبجانب كل هؤلاء مريدي حزب الكنبة من المستضعفين الذين وقفوا يمصمصون شفاههم وهم يتفرجون على أخيهم في الإنسانية مهدر الكرامة مسلوب الحق في مواجهته وحيدا للسلطة وحشاكيلها وأذنابها المنتفعين بها ومنها..

الأحد، 7 سبتمبر 2014

إدونا كمان حرية

بغض النظر عن توصيف البعض لخطاب الأمس بأنه "مكاشفة" أو "هذيانا"، فإنه يثبت لنا أننا:

- نحن المصريون بجلالة قدرنا وتاريخنا الحضاري المديد شعب يسهل الضحك عليه والسرحان به بوعود تستغرق أجيالا كي تتحقق...

- أن الادعاءات بالفهلوة والقدرة على تعبئة الهواء في علب كانز مبرشمة، ادعاءات واهية ولا سند لها من واقع بدليل عمرنا الضائع انتظارا لما لا يجيء...

- أن القائمين على أمر هذا الشعب الفهلوي ومنذ عصور  بيسرحوا بيه وبيشتغلوه، وهو مدرك لذلك ومبسوط، متمنيا عليهم أن يفعلوا به المزيد والأفاعيل..

وكأن لسان حاله يقول لهم: كمان، ادونا كمان حرية، وشوية بنية أساسية...

الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

شغل الحبشتكانات

فرحِون بما يتردد ويُتداول عنهم، يرفعونه شعارا لهم وكأنه طابع دمغة أو "مكوة رجل" يختمون به سجل حياتهم الحافلة بفنون وألوان من المأساه والملهاة على السواء..

الأدهى أنهم يعتبرون ذلك من سمات الشخصية المصرية القحة(بضم القاف وليس كسرها)، إن كانت لها هذه السمات بالفعل، في مباهاة غريبة للآخرين في الأوساط المختلفة بأنهم يملكون ما لا يملكه الغير، وأن الطبيعة منت عليهم بشيء ولو يسير مما منت به على الأقل منهم موهبة وجهدا، وحبتهم بعد ما منعتهم الكثير والكثير...

يقولون عنه إنه: ابن نكته.. دمه خفيف.. مضحكاتي.. لماح يلتقط التايهة ويحولها بقدرته العجيبة إلى شيء ناطق يدعو للضحك.. يهزأ من كل شيء وأي شيء.. قادر على السخرية حتى من وعلى أوضاعه المأساوية التي يعيشها يوميا، أراجوز يعني...

وهم في قولهم ذلك الذي يتغنون به يتناسون بل ويتجاهلون ويغضون الطرف عمدا عن عدة حقائق مهمة:

إحداها: أن تسفيه الواقع بمشاكله اليومية الكثيرة والتقليل منه والسخرية مما يحدث فيه، يضع المصري الفصيح في موضع وكأنه لا يبالي بما يتعرض له ويعرفه ويعيشه من واقع مؤلم يوميا، رغم أن هذا الواقع يفرض عليه تغييره، والعمل على تحسينه بشتى السبل الممكنة...

ثانيها: أن الاستهزاء بالواقع المزري يمنعك من العمل وبذل الجهد من أجل التغيير بدعوى أنك قادر على التكيف والتعايش مع هذه المزريات بدليل سخريتك منها، وهو بالتالي ليس دليل عافية بقدر ما هو دليل تنطع ورغبة في السكون والصمت والخنوع لأشياء وشخوص لا يمكن القبول بها إذا كنت آدميا بحق..

ثالثها: أن قضية تكبير الدماغ، البلد بلدهم، اللي عاوزين يعملوه يعملوه، وما تقدرش تعمل معاهم حاجة، التهديد والوعيد بالبهدلة والملاحقة وقطع الأرزاق وربما التشريد والتوقيف والقتل، وهي جميعا مشتقات أو من تبعات موقف النقد اللاذع الجارح الساخر الذي يتبناه المصريون من مآسيهم،  كل ذلك يعد سببا رئيسيا في تمادي الطاغي في طغيانه واستمرار الظالم في ظلمه...

رابعها: أن السخرية من أوضاعنا والاستهزاء بما يحدث لنا، و"التريأة" على ظالمينا بما لذ وطاب من قفشات وفيديوهات ورسومات، تجعل منا أمثولة للآخرين، وكأن الإخوة المصريين ليسوا أكثر من مشخصاتية أراجوزات قادرين على إضحاك الآخرين إلى درجة البكاء وإدماع العين..

وعندما تأتي لتسأل: ماذا بعد سياسة الإضحاك علينا وعلى شؤوننا البائسة وملفاتنا وقضايانا الضائعة التائهة، ماذا سيستفيد المصري من نكتة أو كاريكاتير أو فيديو ساخر من وعن هذا الظالم..

عند البحث، لا تجد إجابة شافية عن هذا السؤال المحوري بقدر ما تجد استمرارا للعته والجنون وشغل "الحبشتكنات" الذي يُمنَّي به المصريون أنفسهم حتى يزدادوا صبرا ـ أو قل تنطعا ـ على قاتليهم، قائلين لأنفسهم: "اصبر على جارك السو.. يا يرحل، يا تيجي بلوة تاخده"، وفي العادة لا يرحل ولا مصيبة تقع عليه لتأخذه..

ومن ثم، فلا عجب أن تجد الفاسدين يتمتعون بالجرأة الكافية على الإقدام على أفعال وممارسات وسلوكيات لم يفعلها أحد لا في الأولين والآخرين..

موقنين في قرارة أنفسهم ـ ليس فقط بأنهم مُعفون من العقاب، ومطمئنون بأنهم لن يلاحقوا ـ وإنما أيضا مُدعون للتمادي في غيهم ومواصلة استعراضهم في البغي والبطش...

ومقتنعين بأن أقصى ما قد يفعله المصريون ناحيتهم، إن فعلوا شيئا أصلا، هو السخرية من ظالميهم، وربما إطلاق النكات بكل صورها وأشكالها القديمة والمستحدثة تجاههم، ومن المحتمل أن يسبونهم ويلعنونهم بأقذع الألفاظ التي يضمها قاموس الحرافيش الشوارعية في مصر المهروسة الممصوصة المصفاه لآخر قطرة...

لن يتجاوز الأمر أكثر من مجرد كلمات ـ وربما صور تتردد وتُتداول هنا وهناك ـ كلمات وصور لن تنال من هؤلاء الظلمة المفترين بقدر ما تشجعهم وتحثهم على استمرارعملية النهب المنظم والتفريغ الحرفي والإخلاء العمدي لكل قدرات المصريين ومواردهم، المعنوية منها قبل المادية..

نعم السخرية من الواقع، التي يعتبرها المصريون دليل نضجهم ووعيهم وتساميهم على مصائبهم، رسالة خاطئة للفاحشين للتمادي في وحشيتهم وتفحشهم..




الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

دماء في الميدان

دعك من كل الدفوع القانونية التي يمكن أن تقدمها هيئة الدفاع عن مبارك وصحبه وحشاكيله، وعلى رأسهم العادلي وزبانيته، والتي سيقبلها قضاء مصر الشامخ والمعروف بعدله، وستتيح لهم بالتأكيد الخروج كالشعرة من عجين أحداث ثورة مؤامرة يناير 2011، حسب ما ترتأيه، على اعتبار أنهم كانوا أبطالا دافعوا عن حياض الوطن في وجه قلة مندسة عاثت في الأرض فسادا...
دعك من كل هذا وانظر للحجة السياسية التي سيخرج بها أساطين القانون في بلدنا في الفترة القادمة، وستمكنهم ربما من إعادة الذين يحاكموا الآن إلى رأس المشهد، وهي أن هؤلاء الموقوفين ظلما وعدوانا لم يقوموا بأكثر مما قام به النظام القائم حاليا, والذي تدارك أخطائهم، وعالجها بالطريقة المناسبة للمصريين، وهي القسوة اللامتناهية، مثلما حدث في رابعة وغيرها، بل كان هؤلاء الذين يملكون من يدافع عنهم ويحميهم أكثر رأفة من النافذين المتسيدين الآن على عرش مصر، ولم يعملوا يد اللاإنسانية في هذه القلة المندسة مثلما عملوها غيرهم ممن تلوثت أيديهم وقلوبهم بدماء أناس كانت مستعدة لاستخدام الذري والكيماوي بحق شعب مصر البزرميط..

تبرعوا

‏أعلنت اليوم مصادر رفضت بإصرار الكشف عن هوياتها أن كبار موظفي الدولة في الأجهزة السيادية المختلفة وعلى رأسها الجيش والشرطة والقضاء والإعلام وغيرهم ممن تزيد رواتبهم في الشهر الواحد عن عشرة آلاف جنيه، وهم كثر كغثاء السيل، سوف يتبرعون بنصف رواتبهم لحساب صندوق تحيا مصر باعتبار أن هذا التبرع ليس فقط غيض من فيض أنعمت به الدولة عليهم، وإنما لأن هذا الصندوق لن يستطيع الكادحون الذين لا تزيد رواتبهم عن عدة مئات من الجنيهات مهما تم التحصيل والجباية منهم، لن يستطيعوا الوفاء بالمائة مليار المنتظر جمعها له...

الجمعة، 8 أغسطس 2014

رفاهة الرفض

منذ فترة ليست بالقصيرة، أصيب بالملل..

ليس فقط لإحساسه بالرغبة في التطور وتحسين الأحوال وتغيير المآل..
ولأن الوضع بالنسبة له دون الطموح المنتظر..
ولأن هذا الوضع لا يختلف كثيرا عن غيره باعتبارها جميعا من أدوات الإصابة بالإحباط واستنفاد الطاقة والجهد..
وانعكاسا ـ اي هذا الوضع ـ لممارسات الاستغلال التي تحفل بها الساحة حتى من صغار البرجوازيين كالبقال الذي بجوارك والحرفي الذي لا يعيرك بالا عندما تحتاجه ولا تستطيع محادثته لانشغاله الشديد رغم أنهم لا يعيشون إلا بوضع أيديهم في جيبك..
واستمرارا ـ أي هذا الوضع أيضا ـ لضغوط الحاجة لحد أدنى من المعاش الذي يمكن أن يلبي له احتياجات الأفواه التي تتقوت من ورائه...

ليس فقط لكل ذلك أصيب بهذه الحالة، التي يبدو أنها حالة عامة أصابت قطاعا كبيرا من المصريين، وإنما لأنه كان وما زال يأمل في مزيد من الراحة والأنتخة، ذلك التعبير المصري الحصيف الذي لا يعبر سوى عن ثقافة النوم والكسل والعجز، فضلا عن البحث الدؤوب ودون جدوى عن التقدير الكافي الضائع لقاء الجهد القليل الذي يبذله..

المصري الجديد يتغافل عن حقيقة راسخة، وهي أن هذه الراحة والأنتخة التي يحبذها لن تنقذه من هذا الشعور القاتل بعدم الجدوى، وأن السبيل الوحيد لتلافي هذا الإحساس هو بالمشاركة وبالإيجابية الكافية في الشأن العام بدلا من هذه الثقافة الأناميلية المصرية الأصيلة..

هل هناك أدنى شك في أن شعور الملل والإحباط والكسل والقرف من كل شيء، لم يعد يتسرب إليه، بل بات متغلغلا في داخله، متجذرا في أعماقه، مسيطرا على جوارحه وحواسه..

الحقيقة أنه فكر في الأمر كثيرا، ولم يعد أمامه أي خيار سوى تغيير هذه القيم الثقافية البالية، والتخلص منها...

وهو في مسعاه ذاك مطالب بالتحرك سريعا حتى لا يتهم بأنه يعيد اجترار تجاربه السيئة، وارتكاب أخطائه القاتلة مرات ومرات التي جعلت رعاته من السلطات الأبوية في كل أشكالها ومستوياتها، والتي تتسيد عليه منذ مولده ومولد أجداده يسيرون في مسارهم المستغل لحياته ومقدراته دون أي جزاء سوى القتل والتشريد والملاحقة والتأديب المستمر..

نعم عملية تأديب متواصلة يتعرض له المصري يوميا حتى وصل الأمر للمطالبة بالعودة لطبيعته الأولى بداية من الكهرباء ومن ثم المياه التي يتم قطعها لثلاث مرات في اليوم الواحد، وتختص بها المناطق الفقيرة دون غيرها، والمطالبة بمزاحمة سيارات مستهلكة وسائقين مبرشمين قرفانين بعجلة في شوارع القاهرة المهروسة، والدعوة للجوء ثانية لطشت الغسيل بدلا من الغسالات، والمقشة الليف بدلا من المكنسة، والباجور لتسخين المياه بدلا من السخانات، ناهيك عن استمرار الجباية لخدمات لا يتلقاها، والتنكيل به لمجرد أنه يطالب بتحسينها....

 لقد باتت لديه القناعة بأنه سيظل هكذا يعاني ويشكو، وأنه دون أن يملك رفاهة رفض أي من هذا، وتبني ثقافة بديلة تجعله يأبى كل هذا، فسيظل قانعا راضيا بالسقوط، قابعا في القاع، دون أمل في غد آخر مختلف مرددا لنفسه، وكما يقولون: ياعزيزي لن تسقط، ما دمت في القاع.....

الخميس، 26 يونيو 2014

الابداع المصري

.. والمبدعون المصريون مصطلح اُصطلح على "رفعه" ضد من يسمونهم الظلاميين الرجعيين وحدهم، دون غيرهم، ممن ينتسبون أو ينتمون لذوي الاتجاهات الدينية المتطرفة، الإسلاميين تحديدا، دون لف أو دوران..

وعندما تبحث عن مكنون هذا الإبداع، وطبيعة هؤلاء المبدعين، لا تجد شيئا يذكر، مجرد دراما تلفزيونية وإذاعية وربما سينمائية مكررة ورواية لا يقرأها أحد ولم يبذل فيها الجهد الكافي في أي عمل مطلوب..

إبداع يقتصر على النقل وما يسمونه "التمصير" حتى يداروا خيباتهم في الغش والتدليس والنقل المبتور من بنات أفكار المبدعين الحقيقيين في العالم الخارجي..
إبداع لا يهدف إلا إلى الإلهاء والتوجيه وغسل الأدمغة، وليس تنمية العقل والفكر والوعي والوجدان..
إبداع لا غرض له سوى التهجم على الثوابت والأعراف والتقاليد وكيفية اختراقها وتجاوزها..
إبداع لا يعنيه غير رصد وتضخيم سيئات المجتمع وخيباته في البلطجة والفساد والشذوذ والانحراف..
إبداع يتركز اهتمامه على غرف النوم والرقص والإسقاطات والإيحاءات الجنسية دون أن يلقي بالا للمرأة التي يستغلها في الترويج لإبداعه "المحرم" دينا وخلقا، رغم ادعائه بأنه إبداع يحمي المراة وحقوقها ويحترمها ويقدرها..

إبداع لا يتجاوز حدود مصر المحروسة، وربما بعض أجزاء العالم العربي، وليس كله حتى في ظل الظروف الحالية، التي تزداد فيها وسائل الترفيه وتنوعها، وتكثر فيها عملية المنافسة التي فرضتها الدراما الهندية والتركية وربما السورية والعربية الأخرى..

إبداع لا يشاهده سوى المصريين الغلابة الذين يتفنون في تضييع وقتهم لإلهاء أنفسهم عن التفكير في شؤونهم وأوضاعهم وكيفية تحسينها، ولا يجدون وسائل ترفيه أخرى أو أفضل أو أهم مما يتاح لهم أو يفرض عليهم عبر هذا السيل من الفضائيات التي لا تبدع سوى في الإعلان التجاري..

إبداع لم يتطرق لا للمؤلفات ولا الاختراعات ولا البحوث ولا الدراسات ولا الكتب ولا التقنيات ولا المشروعات ولا التطبيقات في شتى المعارف والعلوم والمجالات والقطاعات المدنية والعسكرية..

إبداع لم يستطع أن يعالج مشكلة، ولا يرصد مسبباتها بشفافية ونزاهة دون غرض لاتجاه أو لفصيل أو لحزب أو لسياسة، ولا أن يوجه الرأي العام لها، ولا يكتل الشارع والدولة والأجهزة ناحيتها، ولا حتى يكون رأي وموقف بخصوصها..

لماذا إذا هذا الحرص على حماية الإبداع والمبدعين المصريين في المجالات "الفنية والرقصية" دون غيرهما من المجالات التي يمكن أن تخرج المصريين من حالة إلى حالة، وتضعهم لأول مرة ضمن الشعوب "الحية" صاحبة المشروعات التي تنافس القوى الكبرى الآن..

لماذا لا يبدع المصريون كما أبدعت الشعوب "العاملة" بجد واجتهاد في تايوان والصين وبنجلاديش والهند رغم ما قد يواجهونه من مصاعب وتحديات، لكنك تراهم الآن على خريطة العالم، وربما تجدهم مستقبلا ينافسون بقوة على صدارة المشهد..

اتخيل مرات ومرات كيف يمكن أن يصبح الحال في كثير من الدول المتقدمة والنامية على السواء إذا ما رفض العمال الصينيون أو الهنود أو البنغاليين مواصلة العمل في كل خطوط إنتاج الشركات الدولية الكبرى متعددة الجنسيات...

افترض أن الإبداع والمبدعين المصريين لا يقف ولا ينبغي أن يقف عند هؤلاء "الفنانين والراقصين" الذين لا يعنيهم سوى أنفسهم وصورتهم وحضورهم المميز، وكيف يمكن أن يحصًِلوا أكبر أجر ممكن على شيء تافه، فقط لملء ساعات الفضائيات التي لا تجد شيئا لبثه..

يمكن للمبدعين المصريين، ولو على مستوى الدراما والسينما، أن يخرجوا لنا برنامجا وثائقيا يبدعون فيه عن أي فترة من فترات تاريخ البلد المسروق والمشوه..
يمكن لهم أن يخرجوا ويشاركوا برأي وموقف في قضية إنسانية، محلية وإقليمية ودولية..
يمكن لهم أن يرونا مصر الحقيقية والعالم بتواجدهم في ساحات التوتر والفوضى والقلق..
يمكن لهم أن يبذلوا جهدا مضاعفا وينتجوا مادة جيدة تنافس نظيراتها العالمية وتستطيع التواجد على الساحة وتكشف صور مصر الحقيقية..
يمكن لهم أن يقدموا مسرحا حقيقيا بعيدا عن الهلس والضحك الممقوت والممل..
يمكن لهم أن يسهموا في رفع المعاناة والتخفيف عن الناس ببناء مدرسة ولا حتى مستوصف..
يمكن لهم أن يمولوا قناة واحدة محترمة على غرار ناشيونا جيوجرافيك ولا ديسكفري ولا غيرها..
يمكن لهم أن يريحونا ويكفونا شر النظر لسواءتهم ومتابعة أعمالهم وأخبارهم التافهة الحقيرة..