بعد أن ارتجت وليست ارتعشت فرائصه لحادث بشع لم يعشه بمزاج كما هي عادته في مثل هذه الملمات النيبات التي يوغل فيها بغشومية المغتر بعافيته والتي لا يعرف أين يصرفها، اضطر للتحول قليلا عن مسلكه ليسلك سبل الهداة المتنطعين إلى أن وصل لدرجة أن أم بعض الناس في إحدى صلواتهم في زاوية أقامها قاطني بعض المساكن الشعبية بجوار سور مستشفى تقع خلفه مشرحتها وأمامه شارع لا يطرقه الناس إلا عند تشغيل وردية المدرسة العسكرية التي مثلت ملاذا لأبناء الحي المنكوب بظلاميته وتعاسته، ثم امتدت لها اليد الغاشمة لتزرعها جيئة وذهابا بأعمدة خرسانية شكلت بعد ذلك مجموعة من البيوت على هيئة علب كبريتية باهتة كتلك التي سقطت في بالوعة صرف بجانب موقد للغاز يشتكي بهدلة الزمان، ولم تعد تجدي نفعا إلا عندما تغلف عيدانها بقطعة قطن من وسادتك المبقعة لتنظف بها أذنك الصامخة التي لا تقوم بوظيفتها الطبيعية إلا بعد أن ترجها ثلاثا وتنخرب فيها ثلاثة أخرى...