بدا كالشبح أمامه عندما انقطع نور الكهرباء للمرة الثالثة على التوالي في غضون السويعات الأولى من مساء هذا اليوم المشأوم الذي وصفوه بأنه عبور جديد كعبور العاشر من رمضان الذي لا يعلم أحد عنه شيئا، وشكك فيه الكثيرون، أو على الأقل قللوا منه، وسفهوه باعتباره لم يكن شيئا مذكورا...
لم يكن هناك بد من أن يسبه ويلعنه بأقذع الألفاظ التي عرفها المصريون في تاريخ حرافيشهم وبلطجيتهم وصعاليكهم المجيد التليد، لأنه فوت عليه قضاء سهرة ليلية بنفسجية اعتاد عليها دائما في مثل هذه المناسبات التي يشد غالبية المصريين المأشفرين الرحال إليها بعد العاشرة مساءا...
لم يقل له أكثر من: لقد انقلب نهارك ليلا، وليلك إلى نهار، الأمر الذي يفسر إقدام صاحبنا على لعن صاحبه مرات ومرات، ليس فقط لأنه اصطدم به في الظلمات التي ليس بخارج منها بقية الليل بحكم الانقطاع التأديبي والمنتظم للكهرباء، ولكن لأنه أخافه وألبسه عفريتا يخشى أن يربطه منذ أن فكر في مشروع للزواج لم يكتمل، وربما أغاظه لأنه أضاع ما كان سيقدم عليه، وهو في أبهى زينته..
لقد كان صاحبنا يستعد لقضاء بقية ليله سائرا هائما على وجهه في طرقات بلدته المخنوقة ـ التي لا يمكن تحديد ملامحها ولا إيجادها على الخريطة الذهنية لعامة المصريين ـ وذلك بعيدا عن خناقات العيال ووشوش النسوان الخشب وجلساتهن العريضة أمام البيوت يتطلعن بشغف للشرفات والخارجين والداخلين من البيوت المجاورة...
على القهوة التي في أول الشارع، والتي يخرج إليها يوميا غالبية سكان حارته بدلا من زنقة الغرف والبيوت المشبعة برائحة الحمامات ومياه الغسيل العطنة بأردأ أنواع الملابس المتسخة ومساحيق الغسيل المصنعة تحت بير السلم من مواد حارقة كاوية يمكن أن تستخدم في تصنيع المتفجرات محلية الصنع التي تهدد الدولة الآن في الرايحة والجاية...
على هذه القهوة، اضطر آسفا في هذا التوقيت بعد أن انقطع نور الكهرباء وخرج رغما عنه مصاحبا لكشاف صيني محمول، اضطر للجلوس هنيهة على القهوة المليئة بكل أنواع البشر عدا منها مهدودي الحال والدخل، لكن امتدت به الجلسة بعد أن استمر الانقطاع لأكثر من ساعة واحدة في أعلى رقم قياسي يمكن أن يسجله انقطاع واحد للكهرباء في بلدته الممصوصة..
تداول الجالسون الأسباب التي تجعل من الدولة المصرية بجلالة قدرها تتسول الوقود والمازوت والأسفلت لتضمن تحريك ماكينات محطات الكهرباء رغم أنها عاشت عقودا تحاكي وتباهي المصريين بالبنية الأساسية التي لا تقارن فعليا الآن بأقل دولة أفريقية محترمة من حيث التدهور والانهيار بالطبع..
أحدهم أرجع الوضع إلى أن البلد في ظل ثوبها الجديد تعلم المصريين الأدب بعد أن صالوا وجالوا بدعوى الثورة ومشتقاتها الثانوية والفرعية من تمرد وتظاهر واعتصام وغير ذلك، ما يحتم عليها اتخاذ إجراءات لإزالة هذه الأفكار الطوباوية السوداوية التي عششت في أدمغتهم منذ نحو ثلاثة سنوات...
أشار إلى أن انقطاع الكهرباء لا يدفع الناس للتحرك، بل ويقعدهم ويمنعهم حتى من التفكير في الخروج من منازلهم..
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الانقطاع يشجع الغدارين الغاشمين الخائنين على التحرك بدورهم، إذ سيسهل وقتها أن يُعمل هؤلاء ـ وهم كثر بداية من الأجهزة والبلطجية ومن على شاكلتهم ـ يُعملوا أياديهم في أي شخص أو جماعة أو حتى منطقة بأسرها في ظل انقطاع الكهرباء، وسيكون لديهم الحجة الجاهزة بأنها مواجهات بين الأهالي ومحسوبين على الإرهابيين، أيا كانت تسمياتهم أو تصنيفاتهم...
أحد المدعين من الذين يعتقدون في أنفسهم أنهم من المتابعين القراء للغث والسمين يقول إن الدولة تحاول توفير الطاقة، ليس من أجلها، بل من أجل الناس حتى لا يتكبدوا دفع فواتير باهظة، مؤكدا أن انقطاع الكهرباء يعني بالضرورة والتبعية أنك لن تقوم بتشغيل مواتير المياه الرافعة حتى لو كنت في عليين من علبة الكبريت التي تسكن فيها ولا حتى المكيفات ولا السخانات ولا المكانس، كما أن الانقطاع سيعود المصري الحديث على التقشف والعودة لحياته الأولى عندما كان يلتحف السماء ويفترش الغبراء مثلما كان يقول "محمد افندي الحمار"...
يرغد ويزبد هذا المدعي، ويقول مضيفا أن انقطاع الكهرباء يمكن المصري الجديد من الانعتاق من التكنولوجيا الحديثة بكل أشكالها ومسمياتها، ومن ثم من تكاليفها المغالى فيها، ويضيف موجها أسئلته للملتفين حوله المنتبهين له:
ألا يعني انقطاع الكهرباء عدم تشغيل الأجهزة ومن ثم الراحة الأبدية من العمل وأعبائه..
ألا يعني ذلك التواصل مع الأهل والعشيرة مباشرة بدلا من النت ووسائل الهمبكة الاجتماعية...
ألا يعني ذلك تخليص الناس من حياتهم المملة الرتيبة، خاصة في المستشفيات التي تعتمد الأجهزة وغرف العمليات بها على الكهرباء، خاصة أجهزة غسل الكلى والإنعاش وغيرها ...
ألا يعني ذلك عدم التوجه للبنوك وصرافاتها حتى توفر نقودك القليلة فيما لا يفيد ولا تنفقها في شيء لا طائل من ورائه..
يربط ثالث أكثر إدراكا للمسائل، كما يعتقد في نفسه، مفسرا أسباب الانقطاع بين مشروعات العبور الجديدة في السويس أم شرق التفريعة، لا يدري، والتي تُستخدم فيها آليات حفر ونقل بكثافة متناهية وغريبة في الوقت نفسه، وبين نقص الوقود في محطات التموين والكهرباء، مؤكدا أن عودة طوابير شح الوقود أمام محطات التموين لا يعني سوى أن الوقود تم تهريبه أو تصديره أو شحنه، أيا كان، إلى المشروع الجديد بالسويس حتى تتمكن الدولة من العبور على أكتاف صحة المصريين ورفاهيتهم، مثلما حدث من قبل، وسيحدث بعد..
يدلل هذا الثالث على رؤيته بالقول أن هناك مؤشرات على هذا الربط، منها: أن وزير البترول نفسه ينفي عدم توجيه وقود محطات الكهرباء إلى مشروع السويس الجديد، والنفي في السياسة إثبات بديهي...
ومنها: أن وزير الكهرباء يعد الناس ويبشرهم بأن الكهرباء لن تنقطع أبدا بعد أربع سنوات قادمة، يعني موت يا حمار، ويستمر الانقطاع مرات ومرات دون حتى أن تبدي امتعاضك أو استيائك، وذلك حتى تتحمل وتظهر قوتك على الجلد والأذى و"تصبر على جارك السو يا يرحل أو تجيله بلوى ترحله"...
ومنها: كثرة الانقطاعات بشكل ملاحظ فيه هذه الأيام الأخيرة رغم أن كثيرا من المصريين الآن في المصايف، وهي حجة تم التحجج بها إثر أيام العيد ورمضان، الذي لم يشهد أكثر من ساعة انقطاع يوميا، فضلا عن أن طبيعة الجو لا تستدعي تشغيل المكيفات عمال على بطال، فالدنيا شبه ربيع والجو شبه بديع، ومن ثم لا داعي لتخفيف الأحمال..
يأتي رابع "متفذلك متحذلق" ليذكرنا بأن المصريين قادرين على التعايش في أي ظروف وأوضاع، ومهما قامت الحكومة ناحيته بإجراءات ـ عمدا أو مضطرة إليها ـ لن تعنيه شيئا، ولن تنال منه أو تؤثر فيه، كما لن تفت في عضده، ههههه...
يبرر هذا الأخير قائلا أن أزمة الانقطاعات دفعت المصريين إلى شراء مولدات كهربية خاصة بطاقات مختلفة، حتى لا يقعوا تحت رحمة محطات الحكومة المستهلكة، والتي يبدو أنها على شفا الانهيار إذا ما استمرت في دورة العمل والتشغيل القائمة دون صيانة وقطع غيار، وليس دون طاقة...
يشير مجددا إلى أن هذه المولدات الخاصة، إضافة إلى أنها زادت العبء على محطات الوقود، وزادت من طوابير الواقفين فيها، ومن ثم زادت من النقص الحاد في الوقود المتوفر والمفترض توجيهه لمحطات الكهرباء، فإنها كرست من أزمة تهريب الطاقة المعروفة بمصر، والتي يستخدمها الكبار سواء لتنمية مشروعاتهم الخاصة، المصانع والمزارع كثيفة الطاقة، أو في الإثراء غير المشروع لثرواتهم المكتنزة، حيث الاحتكار والبيع بالسوق السوداء بأسعار مبالغ فيها، وعلى الرغم من هذا وذاك.. يتعايش المصريون مع الوضع..
يضيف ربما كانت مصر باعتبارها من الدول المصدرة للطاقة الكهربية، و"مربوطة" بشبكات إقليمية معينة، ربما تصدر طاقتها ووقودها للمحيطين بها من ذوي الحاجات، مثلما تصدر غازها وتستورده ثانية من إسرائيل، وذلك حتى تجلب عملة صعبة بحاجة إليها..
وقضية التصدير من أجل العملة الصعبة كان قد أُشير لها من قبل، بدعوى إمداد غزة بالكهرباء، وإعطاء فائض محطاتها الكهربية للأردن أو غير ذلك من قضايا التصدير التي تُعطى فيها الأولوية للأجنبي على المواطن المصري "القبيح" الذي لا يستطيع حيلة ولا صرفا ولا إنفاقا، وليس لديه دولارات...
أزمة مستعصية لن تحل، ربما، وزاد عليها الحديث الذي يتداول الآن عن تخريب متعمد لمحطات توليد الطاقة، وإحراق أبراج للضغط العالي أو فائقة الجهد، والمتهم فيها فلول الإخوان والمتعاطفين معهم من موظفي قطاع الكهرباء نفسه، والتي اضطرت مسؤولا في الكهرباء بتهديد هؤلاء وفصلهم إن ثبت تورطهم في ذلك..
لم يكن هناك بد من أن يسبه ويلعنه بأقذع الألفاظ التي عرفها المصريون في تاريخ حرافيشهم وبلطجيتهم وصعاليكهم المجيد التليد، لأنه فوت عليه قضاء سهرة ليلية بنفسجية اعتاد عليها دائما في مثل هذه المناسبات التي يشد غالبية المصريين المأشفرين الرحال إليها بعد العاشرة مساءا...
لم يقل له أكثر من: لقد انقلب نهارك ليلا، وليلك إلى نهار، الأمر الذي يفسر إقدام صاحبنا على لعن صاحبه مرات ومرات، ليس فقط لأنه اصطدم به في الظلمات التي ليس بخارج منها بقية الليل بحكم الانقطاع التأديبي والمنتظم للكهرباء، ولكن لأنه أخافه وألبسه عفريتا يخشى أن يربطه منذ أن فكر في مشروع للزواج لم يكتمل، وربما أغاظه لأنه أضاع ما كان سيقدم عليه، وهو في أبهى زينته..
لقد كان صاحبنا يستعد لقضاء بقية ليله سائرا هائما على وجهه في طرقات بلدته المخنوقة ـ التي لا يمكن تحديد ملامحها ولا إيجادها على الخريطة الذهنية لعامة المصريين ـ وذلك بعيدا عن خناقات العيال ووشوش النسوان الخشب وجلساتهن العريضة أمام البيوت يتطلعن بشغف للشرفات والخارجين والداخلين من البيوت المجاورة...
على القهوة التي في أول الشارع، والتي يخرج إليها يوميا غالبية سكان حارته بدلا من زنقة الغرف والبيوت المشبعة برائحة الحمامات ومياه الغسيل العطنة بأردأ أنواع الملابس المتسخة ومساحيق الغسيل المصنعة تحت بير السلم من مواد حارقة كاوية يمكن أن تستخدم في تصنيع المتفجرات محلية الصنع التي تهدد الدولة الآن في الرايحة والجاية...
على هذه القهوة، اضطر آسفا في هذا التوقيت بعد أن انقطع نور الكهرباء وخرج رغما عنه مصاحبا لكشاف صيني محمول، اضطر للجلوس هنيهة على القهوة المليئة بكل أنواع البشر عدا منها مهدودي الحال والدخل، لكن امتدت به الجلسة بعد أن استمر الانقطاع لأكثر من ساعة واحدة في أعلى رقم قياسي يمكن أن يسجله انقطاع واحد للكهرباء في بلدته الممصوصة..
تداول الجالسون الأسباب التي تجعل من الدولة المصرية بجلالة قدرها تتسول الوقود والمازوت والأسفلت لتضمن تحريك ماكينات محطات الكهرباء رغم أنها عاشت عقودا تحاكي وتباهي المصريين بالبنية الأساسية التي لا تقارن فعليا الآن بأقل دولة أفريقية محترمة من حيث التدهور والانهيار بالطبع..
أحدهم أرجع الوضع إلى أن البلد في ظل ثوبها الجديد تعلم المصريين الأدب بعد أن صالوا وجالوا بدعوى الثورة ومشتقاتها الثانوية والفرعية من تمرد وتظاهر واعتصام وغير ذلك، ما يحتم عليها اتخاذ إجراءات لإزالة هذه الأفكار الطوباوية السوداوية التي عششت في أدمغتهم منذ نحو ثلاثة سنوات...
أشار إلى أن انقطاع الكهرباء لا يدفع الناس للتحرك، بل ويقعدهم ويمنعهم حتى من التفكير في الخروج من منازلهم..
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الانقطاع يشجع الغدارين الغاشمين الخائنين على التحرك بدورهم، إذ سيسهل وقتها أن يُعمل هؤلاء ـ وهم كثر بداية من الأجهزة والبلطجية ومن على شاكلتهم ـ يُعملوا أياديهم في أي شخص أو جماعة أو حتى منطقة بأسرها في ظل انقطاع الكهرباء، وسيكون لديهم الحجة الجاهزة بأنها مواجهات بين الأهالي ومحسوبين على الإرهابيين، أيا كانت تسمياتهم أو تصنيفاتهم...
أحد المدعين من الذين يعتقدون في أنفسهم أنهم من المتابعين القراء للغث والسمين يقول إن الدولة تحاول توفير الطاقة، ليس من أجلها، بل من أجل الناس حتى لا يتكبدوا دفع فواتير باهظة، مؤكدا أن انقطاع الكهرباء يعني بالضرورة والتبعية أنك لن تقوم بتشغيل مواتير المياه الرافعة حتى لو كنت في عليين من علبة الكبريت التي تسكن فيها ولا حتى المكيفات ولا السخانات ولا المكانس، كما أن الانقطاع سيعود المصري الحديث على التقشف والعودة لحياته الأولى عندما كان يلتحف السماء ويفترش الغبراء مثلما كان يقول "محمد افندي الحمار"...
يرغد ويزبد هذا المدعي، ويقول مضيفا أن انقطاع الكهرباء يمكن المصري الجديد من الانعتاق من التكنولوجيا الحديثة بكل أشكالها ومسمياتها، ومن ثم من تكاليفها المغالى فيها، ويضيف موجها أسئلته للملتفين حوله المنتبهين له:
ألا يعني انقطاع الكهرباء عدم تشغيل الأجهزة ومن ثم الراحة الأبدية من العمل وأعبائه..
ألا يعني ذلك التواصل مع الأهل والعشيرة مباشرة بدلا من النت ووسائل الهمبكة الاجتماعية...
ألا يعني ذلك تخليص الناس من حياتهم المملة الرتيبة، خاصة في المستشفيات التي تعتمد الأجهزة وغرف العمليات بها على الكهرباء، خاصة أجهزة غسل الكلى والإنعاش وغيرها ...
ألا يعني ذلك عدم التوجه للبنوك وصرافاتها حتى توفر نقودك القليلة فيما لا يفيد ولا تنفقها في شيء لا طائل من ورائه..
يربط ثالث أكثر إدراكا للمسائل، كما يعتقد في نفسه، مفسرا أسباب الانقطاع بين مشروعات العبور الجديدة في السويس أم شرق التفريعة، لا يدري، والتي تُستخدم فيها آليات حفر ونقل بكثافة متناهية وغريبة في الوقت نفسه، وبين نقص الوقود في محطات التموين والكهرباء، مؤكدا أن عودة طوابير شح الوقود أمام محطات التموين لا يعني سوى أن الوقود تم تهريبه أو تصديره أو شحنه، أيا كان، إلى المشروع الجديد بالسويس حتى تتمكن الدولة من العبور على أكتاف صحة المصريين ورفاهيتهم، مثلما حدث من قبل، وسيحدث بعد..
يدلل هذا الثالث على رؤيته بالقول أن هناك مؤشرات على هذا الربط، منها: أن وزير البترول نفسه ينفي عدم توجيه وقود محطات الكهرباء إلى مشروع السويس الجديد، والنفي في السياسة إثبات بديهي...
ومنها: أن وزير الكهرباء يعد الناس ويبشرهم بأن الكهرباء لن تنقطع أبدا بعد أربع سنوات قادمة، يعني موت يا حمار، ويستمر الانقطاع مرات ومرات دون حتى أن تبدي امتعاضك أو استيائك، وذلك حتى تتحمل وتظهر قوتك على الجلد والأذى و"تصبر على جارك السو يا يرحل أو تجيله بلوى ترحله"...
ومنها: كثرة الانقطاعات بشكل ملاحظ فيه هذه الأيام الأخيرة رغم أن كثيرا من المصريين الآن في المصايف، وهي حجة تم التحجج بها إثر أيام العيد ورمضان، الذي لم يشهد أكثر من ساعة انقطاع يوميا، فضلا عن أن طبيعة الجو لا تستدعي تشغيل المكيفات عمال على بطال، فالدنيا شبه ربيع والجو شبه بديع، ومن ثم لا داعي لتخفيف الأحمال..
يأتي رابع "متفذلك متحذلق" ليذكرنا بأن المصريين قادرين على التعايش في أي ظروف وأوضاع، ومهما قامت الحكومة ناحيته بإجراءات ـ عمدا أو مضطرة إليها ـ لن تعنيه شيئا، ولن تنال منه أو تؤثر فيه، كما لن تفت في عضده، ههههه...
يبرر هذا الأخير قائلا أن أزمة الانقطاعات دفعت المصريين إلى شراء مولدات كهربية خاصة بطاقات مختلفة، حتى لا يقعوا تحت رحمة محطات الحكومة المستهلكة، والتي يبدو أنها على شفا الانهيار إذا ما استمرت في دورة العمل والتشغيل القائمة دون صيانة وقطع غيار، وليس دون طاقة...
يشير مجددا إلى أن هذه المولدات الخاصة، إضافة إلى أنها زادت العبء على محطات الوقود، وزادت من طوابير الواقفين فيها، ومن ثم زادت من النقص الحاد في الوقود المتوفر والمفترض توجيهه لمحطات الكهرباء، فإنها كرست من أزمة تهريب الطاقة المعروفة بمصر، والتي يستخدمها الكبار سواء لتنمية مشروعاتهم الخاصة، المصانع والمزارع كثيفة الطاقة، أو في الإثراء غير المشروع لثرواتهم المكتنزة، حيث الاحتكار والبيع بالسوق السوداء بأسعار مبالغ فيها، وعلى الرغم من هذا وذاك.. يتعايش المصريون مع الوضع..
يضيف ربما كانت مصر باعتبارها من الدول المصدرة للطاقة الكهربية، و"مربوطة" بشبكات إقليمية معينة، ربما تصدر طاقتها ووقودها للمحيطين بها من ذوي الحاجات، مثلما تصدر غازها وتستورده ثانية من إسرائيل، وذلك حتى تجلب عملة صعبة بحاجة إليها..
وقضية التصدير من أجل العملة الصعبة كان قد أُشير لها من قبل، بدعوى إمداد غزة بالكهرباء، وإعطاء فائض محطاتها الكهربية للأردن أو غير ذلك من قضايا التصدير التي تُعطى فيها الأولوية للأجنبي على المواطن المصري "القبيح" الذي لا يستطيع حيلة ولا صرفا ولا إنفاقا، وليس لديه دولارات...
أزمة مستعصية لن تحل، ربما، وزاد عليها الحديث الذي يتداول الآن عن تخريب متعمد لمحطات توليد الطاقة، وإحراق أبراج للضغط العالي أو فائقة الجهد، والمتهم فيها فلول الإخوان والمتعاطفين معهم من موظفي قطاع الكهرباء نفسه، والتي اضطرت مسؤولا في الكهرباء بتهديد هؤلاء وفصلهم إن ثبت تورطهم في ذلك..