‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدور الاجتماعي للدولة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدور الاجتماعي للدولة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 25 فبراير 2015

الدولة الطارئة

الدول المذعورة والمرعوبة..
لا حصر لها في العالم..

وهي أوصاف لكيانات هشة..
ربما تستغرق وقد تتجاوز أو تؤدي..
إلى دول خادمة..
وملعوب فيها..
وطرية.. http://zambta.blogspot.com/2014/05/blog-post_15.html
ومن ثم فاشلة..

لكن أن يصل الحال بهذه الدول المدعية..
التي لا تملك من وصف الدول الحقيقية..
سوى هياكلها..

لتبلغ الحد النهائي لـ"الارتقاء"..
بافتراض أنه كذلك..
وبعد نشأتها المشكوك فيها..

وتوصف بكونها..
دولة "طارئة"..
على التاريخ..
بمكانه وزمانه..

فإن إعادة النظر..
في كل شيء..
يصبح أمرا ملحا..

حتى ضمن البديهيات..
التي حشوا رؤوسنا بها..

بداية من نظريات السيادة..
والدول الوطنية والقومية..

وانتهاء بالطبع بـ..
"الشخصية" والمكانة والمكين..
وحضارة "العشر تلاف" سنة..

الثلاثاء، 24 فبراير 2015

وصفة مجربة وفعالة

إذا أردت أن تجعله في صفك..
ليقلب لك الحق باطلا..
والباطل حقا..

فاغدق عليه..
وأنعم..

ولا تسأله شيئا..
حتى لو أساء وقصر..


الاثنين، 23 فبراير 2015

داعش نيران صديقة

عندما يُرصد هدف ما يمثل خطرا..
توجه إليه سريعا الطائرات دون طيار ..
ودون سابق إنذار يستئصل من الوجود..

ولا يعلم أحد بهكذا تحرك إلا بعد وقوعه..
وربما بعد التأكد من نجاحه في تحقيق هدفه..

وجبال اليمن وأفغانستان وباكستان..
وسهول العراق وغيرها خير شاهد..

ووقوع إصابات في صفوف المدنيين..
سواء بالخطأ "النيران الصديقة" أو العمد..
تعبير واضح عن سرعة الاستجابة ورد الفعل..
وعدم التواني لمواجهة الأخطار المتحركة..

الآن تستعرض "داعش" قوتها هنا وهناك..
وتنقل الكاميرات صور ضحاياها..
وهم يساقون إلى الموت في الأقفاص..
مهدَدين بالحرق تارة والذبح تارة..

ورغم ذلك لا تستطيع أجهزة الرصد متابعتهم..
ولا الطائرات دون طيار ملاحقتهم واستهدافهم..

ولا نجد أحدا يسأل نفسه مجرد سؤال واحد..
لماذا لم تتحرك دول لإنقاذ رعايها المقيدين..
من براثن هذا الشبح ما دامت تعرف مكانهم..

أو على الأقل ما دامت داعش تتحداهم..
وتستعرض قواها أمام كاميراتهم..
ووسط الشوارع المكشوفة..
والموضوعة تحت رقابة..
عدسات الأقمار الصناعية..
وأعين عناصرهم المستخبية..

الأحد، 22 فبراير 2015

الرجاء دفع الرسوم

يشتكون مر الشكوى..

يدعون رعاياهم للتحمل..
والوقوف بجانبهم..
لجيلين قادمين إضافيين..
مع شد البطون والأحزمة..

يطلبون سرعة تقديم يد العون..
ومساعدة شقيقتهم الكبرى..
"المزنوقة ـ الممصوصة"..

يسألون سؤال الحاجة..
إذ بسقوطها يسقط الجميع..
هكذا يدعون ويروجون..

ومع ذلك، تبتاع طائرات..
بعضهم يؤكد صلاحيتها..
والآخر ينفي ذلك..

ورأي عام مغيب..
لا يعرف شيئا..
عن مبتكرات العالم..
لا مساءلة ولا شفافية..

منهمك في حداد على موتاه..
مشغول بصراع على لقمة عيش..
يقف في "طابور" ليحصلها..

مربوط بـ"ساقية الآخر"..
المختلف معه..
الواجب استئصاله..
نفيا وإعداما..

ومع ذلك، تخوض حربا بالوكالة..
وتعلن بعد خفاء توجيه ضربات..
لتجتر مغامرات سابقة..
لم يصبها منها سوى..
الخسارة، معنويا وماديا..

ومع ذلك، تعتزم الدخول لنادي نووي..
مقفل على أصحابه..
يشترطون ابتداء دفع رسوم..
اشتراكه وتحمل تبعاته..

الزمنية والمالية..
والسياسية والتقنية..

السبت، 21 فبراير 2015

"بلية" و"الشخاشيخ" أصحابه..

من نعتبرهم كبار مثقفينا وكتابنا ومفكرينا..
أنعم الساسة عليهم بأوصاف..
"كما تهوي القدم"..

وأسبغوا عليهم نعمهم ظاهرة وباطنة..
بل وفرضوا الوصاية عليهم..

ولما لا فهم "بتوعها" و"عيالها"..

لكن ماذا عن أتباع هؤلاء..
في المواقع المختلفة..

"بلية" و"الشخاشيخ" أصحابه..
كيف يمكن وصفهم..





الجمعة، 20 فبراير 2015

أناس يتطهرون

إنهم لا يرون ما عليه من سوء..
ولا يبررون له ويشرعونه.. 
ولا يروجون له ويمدحونه.. 
فحسب..

وإنما يمقتون من لا ينساق وراءهم..
يسخرون منهم ويرفضونهم..
يتهمونهم في أعز ما يملكون..
كرامتهم وعقولهم..

الخميس، 19 فبراير 2015

من قيم التراث الأصيلة

من خاف سلم..
عيش عيشة أهلك..
امشي جنب الحيط..
كل عيش..

الأحد، 31 أغسطس 2014

الطريقة الالتفافية2-2

الحالة اللولبية الحلزونية لا تقتصر فحسب على راقصاتنا المبدعات، وإنما تشمل عقولنا وطرائقنا في التفكير أيضا، سيما لدى هؤلاء الذين يجسدون الرجل اللا مناسب في المكان والموعد اللا مناسب، ويعبرون بصدق ـ إلا ما رحم ربي ـ عن الأمر الذي وُسد لغير أهله...

أشير لطرق المعالجة والحلول التي تقدمها النخب المسؤولة في المواقع المختلفة للمشكلات التي تطرأ عليها، وتعكس بصدق القدرة على الالتفاف والإلهاء ومن ثم البعد عن مكمن المشكلة وسببها الرئيسي والذي يخلف بالتبعية بعدا عن الطرق المثلى للمعالجة والحل..

فبعد أن تم القضاء على الزبال التقليدي وفشلوا مع شركات النظافة الأجنبية التي استوردوها وقضوا على الخنازير في مذبحة تشبه المذابح السياسية التي يحفل بها التاريخ الحديث والمعاصر للمصريين، ولم يستطعوا التعامل مع الزبالين الفريزة المتخصصين في استخراج كنوز قمامتنا والإبقاء على فضلاتها، تراهم يطالبون الناس بالحد من استهلاكهم ونفايتهم، لا أدري كيف..

ولم يتفتق ذهنهم عن وسيلة لمعالجة هذه القمامة بداية من تكثيف عملية تجميعها وسرعة فرزها والإكثار من الأيدي العاملة الرخيصة والمحتاجة للعمل في بلدنا والعربات المتخصصة التي تتولى جمعها ونقلها ومن ثم إعادة تدويرها بشكل كبير والاستفادة منها بدلا من تصديرها للصين..

لم يجدوا وسيلة غير بناء الكباري العلوية والأنفاق ليشوهوا صورة البلد ويقوضوا من دعائم بيوتها ومرافقها، ناهيك عن الإشغالات وغلق الشوارع، حتى يخففوا من الضغط المروري في الشوارع..

ولم يفكروا في نقل الحركة والكثافة من المناطق المكدسة لغيرها، لم يفكروا في اللامركزية حتى يتجنب الناس نزول مراكز المدن والمحافظات والعواصم، سيما القاهرة، لتخليص معاملاتهم الحكومية التي لا تتنتهي إلا بها، تعمير المدن الجديدة، توطين الخدمات في المناطق النائية والمحافظات، تكهين السيارات المستهلكة، الحد من منح الرخص الجديدة سواء للسيارات أو للأشخاص وبطريقة موضوعية دون تسيب أو فساد..

الأمر ذاته في ملف إيصال الدعم لمستحقيه، يخرجون علينا بمنظومة وكارت ذكي لصرف رغيف العيش أو الخبز، ولا أعرف إن كان الفران بجوارنا قادرا على التعامل معها، وكروت تموينية أرقامها السرية لدى البقال نفسه يلعب فيها كما يشاء، وضرورة أن يرسل المواطن الفقير رسالة إلكترونية أو اس ام اس حتى يضمن حصته التموينية ويشغلوننا بدعاية سمجة عن "حقنا" المهدر..

ما الداعي أصلا لكل ذلك، فقط ما عليهم إلا التشديد في الرقابة على القائمين على عملية صرف المواد التموينية وأفران العيش المدعم، منع تهريب الدقيق المدعم لأفران الحلويات والعيش الفينو، وبدلا من هذه المماحكات يتم التقيد بعملية توزيع الدعم الذي يستحقه غالبية المصريين باعتبارهم جميعا يقعون تحت خط الفقر بشهادة التقارير الحكومية ذاتها

موارد الدولة والتي يقتصر النظر فيها على جباية الضرائب بكل أنواعها الشرعي منها وغير الشرعي، على الرغم من أن الحكومة بمقدورها جلب الكثير من الموارد ومصادر التمويل بالضغط على الحرامية لتقليل سرقتهم، المستشارين ومكافآتهم، المحاجر، التسيب الإداري والمالي، الفساد بكل أنواعه ومسمياته، رواتب الكبار ومكافآتهم دون عمل أو إنتاجية تذكر...

الخميس، 28 أغسطس 2014

الطريقة "الالتفافية"(1-2)

كان وما زال وصف اللولبية الحلزونية تعبيرا ساخرا متداولا لراقصات البطون والأرداف الكثيرات المشهورات في بلدنا المحبوبة...

ويبدو أن هذا الوصف أكثر من مجرد توصيف لحال هؤلاء الراقصات الذين يقدمون فنا جميلا ينمي الشعور ويعمق الوجدان، بل يشمل بجانب ذلك حالة العقل خاصتنا في طريقته في التفكير وفي قدرته على معالجة المشكلات..

الأمر هنا لا يقتصر فحسب علينا كبشر عاديين لا نتحكم في أكثر من بيوتنا، ولا نسيطر إلا على أولادنا وما ملكت أيماننا، إن كنا أصلا نتمتع بهذه القدرة على السيطرة والتحكم..

وإنما يتجاوز ذلك هؤلاء المتوسدين عروش قلوبنا والجاثمين فوق أنفاسنا في مواقع السلطة والنفوذ والرأي بشكل عام، الذين يبدو أنهم يعكسون برؤاهم ومواقفهم وتقنيات ومناهج تفكيرهم صورة المجتمع ذاته..

انظر مثلا لحالة ولي الأمر الذي لا يكفيه راتبه، فبدلا من أن يتجه لزيادة دخله عبر الطرق القانونية والأخلاقية المشروعة، لا ضير لديه من أن يمد يديه لمن لا يساوي شيئا حتى يسد الفجوة في دخله..

وبدلا من أن يجتهد الأبناء لمزيد من التحصيل أو "التكديس العلمي"، تراهم بإيعاز من أولياء أمورهم، إن استطاعوا، يتفننون في إيجاد طرائق جديدة للغش وربما شراء الامتحانات والأجوبة، وفي أفضل التقديرات، يسارعون في حفظ الملخصات وحجز الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية للحصول على خبرات إمبراطور الكيميا وكنج الأحياء وفيلسوف التاريخ وهويكينج الفيزياء وإينشتين الرياضيات..

الوضع ذاته عند ربات البيوت، العاملات منهن وغير العاملات، حيث تراهن يبدعن في طرائق الإنفاق دون إدراك لقدرة ميزانيتها، وميزانية الزوج الذي تصرف من جيبه، على تحمل الأعباء التي تفرضها شراهتهن في الشراء دون حاجة فعلية أو جدوى اقتصادية من وراء هذا الإسراف والتبذير غير الرشيد...

دعك من كل هذا، وانظر بتأن إلى الحلول التي تبدعها النخب المصرية المفكرة في الأجهزة الرسمية المسؤولة، والتي تقدمها لحل المشكلات المختلفة التي تطرأ عليها بداية من النظافة والتنظيم والدعم وانتهاءا بالمرور والسياسة والبطالة وغيرها..

لا يتسع المجال هنا للخوض في كل ذلك بالتأكيد، ولكن يمكن التطرق لأمثلة محدودة، من قبيل: جمع القمامة، التكدس المروري، إيصال الدعم لمستحقيه إن تبقى منه شيئا، من خبز ومواد تموينية، إيجاد مصادر تمويل للدولة، أشكال فرض الضرائب أو الجباية، إن صح التعبير، وآخرها الضرائب العقارية التي حددوها باربعة وعشرين الف جنيه للوحدة وكأنهم لا يدركون ان هذه الالاف المعدودة ورغم انها عزيزة على الكثيرين لكنها لا تساوي شيئا في سوق العقارات الشعبية المؤجرة، ولا نقول التمليك بالطبع، سيما الراقي منه..
(وللحديث بقية)








الأربعاء، 20 أغسطس 2014

سهرة ليلية بنفسجية دون كهربا

بدا كالشبح أمامه عندما انقطع نور الكهرباء للمرة الثالثة على التوالي في غضون السويعات الأولى من مساء هذا اليوم المشأوم الذي وصفوه بأنه عبور جديد كعبور العاشر من رمضان الذي لا يعلم أحد عنه شيئا، وشكك فيه الكثيرون، أو على الأقل قللوا منه، وسفهوه باعتباره لم يكن شيئا مذكورا...

لم يكن هناك بد من أن يسبه ويلعنه بأقذع الألفاظ التي عرفها المصريون في تاريخ حرافيشهم وبلطجيتهم وصعاليكهم المجيد التليد، لأنه فوت عليه قضاء سهرة ليلية بنفسجية اعتاد عليها دائما في مثل هذه المناسبات التي يشد غالبية المصريين المأشفرين الرحال إليها بعد العاشرة مساءا...

لم يقل له أكثر من: لقد انقلب نهارك ليلا، وليلك إلى نهار، الأمر الذي يفسر إقدام صاحبنا على لعن صاحبه مرات ومرات، ليس فقط لأنه اصطدم به في الظلمات التي ليس بخارج منها بقية الليل بحكم الانقطاع التأديبي والمنتظم للكهرباء، ولكن لأنه أخافه وألبسه عفريتا يخشى أن يربطه منذ أن فكر في مشروع للزواج لم يكتمل، وربما أغاظه لأنه أضاع ما كان سيقدم عليه، وهو في أبهى زينته..

لقد كان صاحبنا يستعد لقضاء بقية ليله سائرا هائما على وجهه في طرقات بلدته المخنوقة ـ التي لا يمكن تحديد ملامحها ولا إيجادها على الخريطة الذهنية لعامة المصريين ـ وذلك بعيدا عن خناقات العيال ووشوش النسوان الخشب وجلساتهن العريضة أمام البيوت يتطلعن بشغف للشرفات والخارجين والداخلين من البيوت المجاورة...

على القهوة التي في أول الشارع، والتي يخرج إليها يوميا غالبية سكان حارته بدلا من زنقة الغرف والبيوت المشبعة برائحة الحمامات ومياه الغسيل العطنة بأردأ أنواع الملابس المتسخة ومساحيق الغسيل المصنعة تحت بير السلم من مواد حارقة كاوية يمكن أن تستخدم في تصنيع المتفجرات محلية الصنع التي تهدد الدولة الآن في الرايحة والجاية...

على هذه القهوة، اضطر آسفا في هذا التوقيت بعد أن انقطع نور الكهرباء وخرج رغما عنه مصاحبا لكشاف صيني محمول، اضطر للجلوس هنيهة على القهوة المليئة بكل أنواع البشر عدا منها مهدودي الحال والدخل، لكن امتدت به الجلسة بعد أن استمر الانقطاع لأكثر من ساعة واحدة في أعلى رقم قياسي يمكن أن يسجله انقطاع واحد للكهرباء في بلدته الممصوصة..

تداول الجالسون الأسباب التي تجعل من الدولة المصرية بجلالة قدرها تتسول الوقود والمازوت والأسفلت لتضمن تحريك ماكينات محطات الكهرباء رغم أنها عاشت عقودا تحاكي وتباهي المصريين بالبنية الأساسية التي لا تقارن فعليا الآن بأقل دولة أفريقية محترمة من حيث التدهور والانهيار بالطبع..

أحدهم أرجع الوضع إلى أن البلد في ظل ثوبها الجديد تعلم المصريين الأدب بعد أن صالوا وجالوا بدعوى الثورة ومشتقاتها الثانوية والفرعية من تمرد وتظاهر واعتصام وغير ذلك، ما يحتم عليها اتخاذ إجراءات لإزالة هذه الأفكار الطوباوية السوداوية التي عششت في أدمغتهم منذ نحو ثلاثة سنوات...

أشار إلى أن انقطاع الكهرباء لا يدفع الناس للتحرك، بل ويقعدهم ويمنعهم حتى من التفكير في الخروج من منازلهم..
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الانقطاع يشجع الغدارين الغاشمين الخائنين على التحرك بدورهم، إذ سيسهل وقتها أن يُعمل هؤلاء ـ  وهم كثر بداية من الأجهزة والبلطجية ومن على شاكلتهم ـ يُعملوا أياديهم في أي شخص أو جماعة أو حتى منطقة بأسرها في ظل انقطاع الكهرباء، وسيكون لديهم الحجة الجاهزة بأنها مواجهات بين الأهالي ومحسوبين على الإرهابيين، أيا كانت تسمياتهم أو تصنيفاتهم...

أحد المدعين من الذين يعتقدون في أنفسهم أنهم من المتابعين القراء للغث والسمين يقول إن الدولة تحاول توفير الطاقة، ليس من أجلها، بل من أجل الناس حتى لا يتكبدوا دفع فواتير باهظة، مؤكدا أن انقطاع الكهرباء يعني بالضرورة والتبعية أنك لن تقوم بتشغيل مواتير المياه الرافعة حتى لو كنت في عليين من علبة الكبريت التي تسكن فيها ولا حتى المكيفات ولا السخانات ولا المكانس، كما أن الانقطاع سيعود المصري الحديث على التقشف والعودة لحياته الأولى عندما كان يلتحف السماء ويفترش الغبراء مثلما كان يقول "محمد افندي الحمار"...

يرغد ويزبد هذا المدعي، ويقول مضيفا أن انقطاع الكهرباء يمكن المصري الجديد من الانعتاق من التكنولوجيا الحديثة بكل أشكالها ومسمياتها، ومن ثم من تكاليفها المغالى فيها، ويضيف موجها أسئلته للملتفين حوله المنتبهين له:
ألا يعني انقطاع الكهرباء عدم تشغيل الأجهزة ومن ثم الراحة الأبدية من العمل وأعبائه..
ألا يعني ذلك التواصل مع الأهل والعشيرة مباشرة بدلا من النت ووسائل الهمبكة الاجتماعية...
ألا يعني ذلك تخليص الناس من حياتهم المملة الرتيبة، خاصة في المستشفيات التي تعتمد الأجهزة وغرف العمليات بها على الكهرباء، خاصة أجهزة غسل الكلى والإنعاش وغيرها ...
ألا يعني ذلك عدم التوجه للبنوك وصرافاتها حتى توفر نقودك القليلة فيما لا يفيد ولا تنفقها في شيء لا طائل من ورائه..

يربط ثالث أكثر إدراكا للمسائل، كما يعتقد في نفسه، مفسرا أسباب الانقطاع بين مشروعات العبور الجديدة في السويس أم شرق التفريعة، لا يدري، والتي تُستخدم فيها آليات حفر ونقل بكثافة متناهية وغريبة في الوقت نفسه، وبين نقص الوقود في محطات التموين والكهرباء، مؤكدا أن عودة طوابير شح الوقود أمام محطات التموين لا يعني سوى أن الوقود تم تهريبه أو تصديره أو شحنه، أيا كان، إلى المشروع الجديد بالسويس حتى تتمكن الدولة من العبور على أكتاف صحة المصريين ورفاهيتهم، مثلما حدث من قبل، وسيحدث بعد..

يدلل هذا الثالث على رؤيته بالقول أن هناك مؤشرات على هذا الربط، منها: أن وزير البترول نفسه ينفي عدم توجيه وقود محطات الكهرباء إلى مشروع السويس الجديد، والنفي في السياسة إثبات بديهي...

ومنها: أن وزير الكهرباء يعد الناس ويبشرهم بأن الكهرباء لن تنقطع أبدا بعد أربع سنوات قادمة، يعني موت يا حمار، ويستمر الانقطاع مرات ومرات دون حتى أن تبدي امتعاضك أو استيائك، وذلك حتى تتحمل وتظهر قوتك على الجلد والأذى و"تصبر على جارك السو يا يرحل أو تجيله بلوى ترحله"...

ومنها: كثرة الانقطاعات بشكل ملاحظ فيه هذه الأيام الأخيرة رغم أن كثيرا من المصريين الآن في المصايف، وهي حجة تم التحجج بها إثر أيام العيد ورمضان، الذي لم يشهد أكثر من ساعة انقطاع يوميا، فضلا عن أن طبيعة الجو لا تستدعي تشغيل المكيفات عمال على بطال، فالدنيا شبه ربيع والجو شبه بديع، ومن ثم لا داعي لتخفيف الأحمال..

يأتي رابع "متفذلك متحذلق" ليذكرنا بأن المصريين قادرين على التعايش في أي ظروف وأوضاع، ومهما قامت الحكومة ناحيته بإجراءات ـ عمدا أو مضطرة إليها ـ لن تعنيه شيئا، ولن تنال منه أو تؤثر فيه، كما لن تفت في عضده، ههههه...

يبرر هذا الأخير قائلا أن أزمة الانقطاعات دفعت المصريين إلى شراء مولدات كهربية خاصة بطاقات مختلفة، حتى لا يقعوا تحت رحمة محطات الحكومة المستهلكة، والتي يبدو أنها على شفا الانهيار إذا ما استمرت في دورة العمل والتشغيل القائمة دون صيانة وقطع غيار، وليس دون طاقة...

يشير مجددا إلى أن هذه المولدات الخاصة، إضافة إلى أنها زادت العبء على محطات الوقود، وزادت من طوابير الواقفين فيها، ومن ثم زادت من النقص الحاد في الوقود المتوفر والمفترض توجيهه لمحطات الكهرباء، فإنها كرست من أزمة تهريب الطاقة المعروفة بمصر، والتي يستخدمها الكبار سواء لتنمية مشروعاتهم الخاصة، المصانع والمزارع كثيفة الطاقة، أو في الإثراء غير المشروع لثرواتهم المكتنزة، حيث الاحتكار والبيع بالسوق السوداء بأسعار مبالغ فيها، وعلى الرغم من هذا وذاك.. يتعايش المصريون مع الوضع..

يضيف ربما كانت مصر باعتبارها من الدول المصدرة للطاقة الكهربية، و"مربوطة" بشبكات إقليمية معينة، ربما تصدر طاقتها ووقودها للمحيطين بها من ذوي الحاجات، مثلما تصدر غازها وتستورده ثانية من إسرائيل، وذلك حتى تجلب عملة صعبة بحاجة إليها..

وقضية التصدير من أجل العملة الصعبة كان قد أُشير لها من قبل، بدعوى إمداد غزة بالكهرباء، وإعطاء فائض محطاتها الكهربية للأردن أو غير ذلك من قضايا التصدير التي تُعطى فيها الأولوية للأجنبي على المواطن المصري "القبيح" الذي لا يستطيع حيلة ولا صرفا ولا إنفاقا، وليس لديه دولارات...

أزمة مستعصية لن تحل، ربما، وزاد عليها الحديث الذي يتداول الآن عن تخريب متعمد لمحطات توليد الطاقة، وإحراق أبراج للضغط العالي أو فائقة الجهد، والمتهم فيها فلول الإخوان والمتعاطفين معهم من موظفي قطاع الكهرباء نفسه، والتي اضطرت مسؤولا في الكهرباء بتهديد هؤلاء وفصلهم إن ثبت تورطهم في ذلك..

الأحد، 20 يوليو 2014

سياسة تجفيف الجيوب

الإفقار العمدي لعموم الشعب المصري وانسحاب الدولة من دورها الاجتماعي سياسة معتمدة منذ قديم الأزل، منذ أيام أسيادنا المساخيط، أو ما يعرف بحضارة السبع عشر تلاف سنة التي لا يزالون يتباهون بها إلى الآن..

وامتدت هذه السياسة إلى أيامنا الحلوة الحالية، وإن كانت تتخذ أشكالا وأساليب وآليات مختلفة، المهم كيف يمكن أن تضع الحكومة أو سيدنا الفرعون والوالي والحاكم بمسمياته المختلفة يدها في جيب المواطن المخروم أصلا، والموصل ليس فقط لمصاريف المدارس وإيجار الشقة الحق التي تستره وأهله وهم نيام، وإنما إلى نفقات حياته المضنية هو وعياله..

وقد نجحت الحكومات بأجهزتها المختلفة وفي العصور المتعددة وبتكتيكات شيطانية أباليسية أن تلتف حول المواطن وبطرق ملتوية كي تضع يدها الطويلة الممتدة دائما وبحرفية عالية في جيب هذا المغلوب على أمره لتحصل منه معونة الشتا ودعم المشروعات والصناديق الخاصة، إضافة لرسوم الخدمات اللي زي الزفت التي تقدمها له ويقبل بها رغما عنه وليس عنها...

زادت هذه السياسة وضوحا، سياسة السرقة بخفة يد الساحر الذي يلهيك ليبتليك ويلبسك الأونطة، خلال الفترة الأخيرة مع قدوم هذا "الني الطري" المشأوم لسدة الحكم، غفر الله لنا وله عشان رمضان بس، وتم التقديم لها بأساليب غاية في الدهاء والمكر بدعوى دعم البلد التي بحاجة للدعم تارة، وماذا سيقدم المواطن المطحون لبلده الغني المأزم منذ أن خرجنا للدنيا تارة أخرى..

وفي ظل زحمة الانشغالات بالدنيا، رمضان والعيد والكحك وكأس العالم من قبل، وتطورات السياسة العقيمة بالداخل، ثورة أم انقلاب، إخوان أم إرهاب، فضلا عن إقليم وعالم مضطرب بالأساس تارة بسبب داعش وتارة ثانية بسبب الربيع والخريف العربي، حسب موقفك مما يحدث، وتارة بسبب فوضى العنف والسياسة والطائفية بالعراق وسوريا وليبيا، وتارة أخرى بسبب غزة والتعاطف الشعبي المصري معها في مقابل موقف مبارك السيسي من إسرائيل وحماس والقضية عموما...

في ظل كل ذلك، توالت القرارات والإجراءات المصرية القديمة المتجددة التي لا تستهدف سوى إحكام قبضة الدولة على المصريين، ففي الوقت الذي انتظره البعض للتخفيف من وطأة الأحداث بعد هبتين وأحداث عنف وتوترات وسوء أوضاع استمر على قرابة السنتين، تأتي الحكومة الجابية لتستكمل ما بدأته لتبطش بما تبقى من روح وجسد المواطن المصري المهروس...

البداية كانت في أسعار الطاقة التي لم تمس بتأثيرها سوى الفقراء، وشملت كل شيء في حياته اليومية، ثم رفع الدعم بدعوى تنظيمه وتوجيهه للفقراء في إجراء أقل ما يوصف بأنه مبدع في الالتفات والتحايل، وأخيرا وليس آخر رفع أسعار الكهرباء خلال خمس سنوات قادمة، والذي يمس بالتأكيد أسعار الغاز والمياه..

المصريون وعلى قلب رجل واحد يمكن أن يعلنوا أنهم مع الحكومة قلبا وقالبا شريطة أن  تشمل إجراءات التقشف تلك الميسورين في البلد، وليس المتقشفين أصلا بطبيعتهم، كما أنهم على استعداد لأن يتعاطفوا معها إذا ما كاشفت الناس وأكدت انها بمقدورها أن تطول يدها أصحاب الدخول العالية من التي تزيد عما يسمى الحد الأقصى، خاصة من اللواءات والأجهزة السيادية والمستشارون والمدراء بالقطاع الاهلي العام...

وليس هذا فقط بل أنهم يمكن أن يحرموا اولادهم من نصيبهم المنقوص من الدخل الوارد إليهم والخدمات التي لا تقدم لهم أصلا إذا ما صارحتهم الدولة وقالت لهم أن الاستقطاعات التي استقطعتها من قوت عيالهم وقدرها كذا تم توجيهها لخدمات هي كذا وسوف يستفيد منها أبناؤهم مستقبلا بالشكل المطلوب..

غير أن ما يحدث لا ينبئ بأي شيء من هذا، وكأنها تخرج لسانها للجميع، وتقول لهم بلسان حال البلطجي الذي يفرض سطوته على الأسواق ومواقف المكروباصات "ليك شوق في حاجة"،  آه هو كدة، ومفيش غير كدة و "اللي في قلعك انفضه"،  ولو مش عاجبك أو لو"راجل انزل لي"..

الخوف أن يكون للقضية برمتها غرض سياسي محدد وهي إنهاك الناس واستمرار انشغالهم بمعيشتهم وكأنها الوسيلة المثلى لمنعهم من التفكير في السياسة وناسها...