الحالة اللولبية الحلزونية لا تقتصر فحسب على راقصاتنا المبدعات، وإنما تشمل عقولنا وطرائقنا في التفكير أيضا، سيما لدى هؤلاء الذين يجسدون الرجل اللا مناسب في المكان والموعد اللا مناسب، ويعبرون بصدق ـ إلا ما رحم ربي ـ عن الأمر الذي وُسد لغير أهله...
أشير لطرق المعالجة والحلول التي تقدمها النخب المسؤولة في المواقع المختلفة للمشكلات التي تطرأ عليها، وتعكس بصدق القدرة على الالتفاف والإلهاء ومن ثم البعد عن مكمن المشكلة وسببها الرئيسي والذي يخلف بالتبعية بعدا عن الطرق المثلى للمعالجة والحل..
فبعد أن تم القضاء على الزبال التقليدي وفشلوا مع شركات النظافة
الأجنبية التي استوردوها وقضوا على الخنازير في مذبحة تشبه المذابح السياسية التي يحفل بها التاريخ الحديث والمعاصر للمصريين، ولم يستطعوا التعامل مع الزبالين
الفريزة المتخصصين في استخراج كنوز قمامتنا والإبقاء على فضلاتها، تراهم يطالبون الناس بالحد من استهلاكهم ونفايتهم، لا أدري كيف..
ولم يتفتق ذهنهم عن وسيلة لمعالجة هذه القمامة بداية من تكثيف عملية
تجميعها وسرعة فرزها والإكثار من الأيدي العاملة الرخيصة والمحتاجة للعمل في بلدنا والعربات المتخصصة التي تتولى
جمعها ونقلها ومن ثم إعادة تدويرها بشكل كبير والاستفادة منها بدلا من تصديرها
للصين..
لم يجدوا وسيلة غير بناء الكباري العلوية والأنفاق ليشوهوا صورة البلد
ويقوضوا من دعائم بيوتها ومرافقها، ناهيك عن الإشغالات وغلق الشوارع، حتى يخففوا
من الضغط المروري في الشوارع..
ولم يفكروا في نقل الحركة والكثافة من المناطق المكدسة لغيرها، لم
يفكروا في اللامركزية حتى يتجنب الناس نزول مراكز المدن والمحافظات والعواصم، سيما القاهرة، لتخليص معاملاتهم الحكومية التي لا تتنتهي إلا بها، تعمير المدن الجديدة، توطين الخدمات في المناطق النائية
والمحافظات، تكهين السيارات المستهلكة، الحد من منح الرخص الجديدة سواء للسيارات أو
للأشخاص وبطريقة موضوعية دون تسيب أو فساد..
الأمر ذاته في ملف إيصال الدعم لمستحقيه، يخرجون علينا بمنظومة وكارت ذكي لصرف رغيف العيش أو الخبز، ولا أعرف إن كان
الفران بجوارنا قادرا على التعامل معها، وكروت تموينية أرقامها السرية لدى البقال نفسه يلعب فيها كما يشاء، وضرورة أن يرسل المواطن
الفقير رسالة إلكترونية أو اس ام اس حتى يضمن حصته التموينية ويشغلوننا بدعاية سمجة عن "حقنا" المهدر..
ما الداعي أصلا لكل ذلك، فقط ما عليهم إلا التشديد في الرقابة على القائمين على عملية صرف المواد التموينية وأفران العيش المدعم، منع تهريب الدقيق المدعم لأفران الحلويات والعيش الفينو، وبدلا من هذه المماحكات يتم التقيد بعملية توزيع الدعم الذي يستحقه غالبية المصريين باعتبارهم جميعا يقعون تحت خط الفقر بشهادة التقارير الحكومية ذاتها
موارد الدولة والتي يقتصر النظر فيها على جباية الضرائب بكل أنواعها الشرعي منها وغير الشرعي، على الرغم من أن الحكومة بمقدورها جلب الكثير من الموارد ومصادر التمويل بالضغط على الحرامية لتقليل سرقتهم، المستشارين ومكافآتهم، المحاجر، التسيب الإداري والمالي، الفساد بكل أنواعه ومسمياته، رواتب الكبار ومكافآتهم دون عمل أو إنتاجية تذكر...