‏إظهار الرسائل ذات التسميات العنف. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات العنف. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 29 يناير 2015

الورد اللي اتقلع من جناين..

يقف أمام الحدث عاجزا عن التعبير عنه..

يحدث نفسه قائلا:
طبيعي أن تجد من لا يؤمن بهذا ولا يعترف بذاك..
وبديهي أن تجد من يؤيد هؤلاء ويناصر أولئك..

لكن غياب الاتفاق على قيمة إنسانية واحدة..
والاستعداد لبيع النفس والنفيس..
والتنازل عن كل شيء..
حتى الروح البشرية..

ومواصلة مسيرة المناهدة..
والمماطلة بين هذا وذاك..
وعدم التراجع عن موقف..
ثبت خطأه وسوء منقلبه..

يجعلك تشعر بغصة في الحلق..
وبمرارة نتجرعها يوميا..
تنغص على الجميع حياتهم..
آنيا ومستقبلا..

اضرب ثم اضرب ثم اضرب..
لن تسفر عن شيء..
سوى أنها تخلق عدوا جديدا..
أكثر رغبة في الثأر والانتقام..

والكثير من الأحداث..
تظل شاهدة على ذلك..

الثلاثاء، 27 يناير 2015

مجرد رقم

ما الذي يملكه البعض ولا يملكه غيرهم..
لدرجة أنهم يأمرون وينهون..
حياة بشر أقصى جرائمهم..
أنهم مختلفون..

ما الذي يؤهل هؤلاء لتصفية نفس إنسانية..
حرم الله الاقتراب منها إلا بالحق..
ولا تملك حتى القدرة للدفاع عن ذاتها..
اللهم إلا صوتها..

في مواجهة مجردين من الإنسانية..
لا يؤثر فيهم صورة دم مسفوح..
يحرضون عليه..
ويصمتون إزائه..

الخميس، 11 ديسمبر 2014

مهام قذرة هدفها البقاء

كالعادة، يحتفون بما لا يجب أن يحتفى به، وكأن حدثا جللا أو خطوة جبارة ستلي ذلك، وتمنع من تكراره ثانية أو ثالثة أو رابعة...
يتحدثون عن تقرير أمريكي وردود فعل ساخطة عليه بخصوص تعذيب البشر، بطبيعة الحال، ليس كل البشر، وإنما فئة بعينها يشتبه بقيامها أو تورطت في عمليات إرهاب، تحت مسمى كبير عنوانه: لماذا يكرهوننا..

يروجون لهذا الموضوع كالعادة وردود الفعل الخايبة عليه، وكأن الناس لا تعلم أن الولايات المتحدة راعية حقوق الإنسان في العالم، حاملة لواء الدفاع عن المنتهكة حوقهم، القادرة دوما على الضغط وابتزاز الغير بقضايا الحقوق، غارقة لأذنيها في سلب الحقوق، وواقعة في مستنقع آسن من عمليات التعذيب، ومنخرطة بكامل مسؤوليها وأجهزتها وجسدها المترهل في قضايا الانتهاكات بدعوى المصالح الحيوية والاستراتيجية، المنتشرة والمتنوعة، لها في العالم..

الغريب أنهم يتناسون ما ذكر لمرات ولمرات، وقبل سنوات، وليس من جراء التقرير اليوم، عن النقاط السوداء، كتلك التي ستبتلع العالم، كما يقول الفيزيائيون، والسجون الطائرة، وتوظيف دول معروفة بالاسم لاستقبال مشبوهين، واستخلاص المعلومات منهم بالطرق المعروفة بدء بضرب "القفا" ومرورا بالانتهاك الجسدي وحتى الإغراق بالماء، ناهيك عن أقبية وتوابيت الموتى، باعتبار أن أهل المنطقة أدرى بشعابها وناسها، الذين لا يستأهلون غير ذاك، ولا ينفع معهم سوى ذاك، وأنهم لا يريدون تلويث أيديهم بمثل هذا العبث، وأن المهام القذرة لا يقوم بها غير قذرة أمثالهم..

لا جديد يمكن أن يقدمه التقرير الأخير حول التعذيب الأمريكي للناس، إلا إذا اعتبرنا أن هناك من الوسائل والآليات القبيحة، الجديدة، التي يمكن استخدامها وتحصيل المعلومات بها من الغير، وأن الغاية تبرر الوسيلة، ما دام التعذيب والانتهاك النفسي والجسدي قد يوقف إرهابا، فلا مانع من اللجوء إليه واستخدامه..

كما لا جديد في أن تجد من يبرر لهذه الوسائل باعتبارها الوحيدة التي يمكن أن تنقذ أوطانا وأفرادا من مجموعة من البشر لا يستحقون غير ذلك للوقوف أمامهم والتصدي لأفعالهم، هكذا يظنون أو يتوهمون..

ولعل الإنذارات والتحذيرات التي صدرت مؤخرا في بعض الدول بخصوص استهداف رعايا غربيين عامة، وأمريكيين خاصة، وإغلاق مقار سفارات وبعثات في دول المنطقة، تؤكد أن ما تجنيه يداك هو من زرعك وفعلك، وما يعتقده الغرب بأنه مواجهة شرعية ومبررة مع هذا الشبح لن تزيده إلا توحشا وتعطشا للدماء...

ويبدو أن هذا هو الهدف الرئيسي، المهم ألا يقترب هذا الشبح المصنوع بدقة وعناية من حدودنا ـ أقصد ـ حدودهم واراضيهم، على أن يقتصر بأذرعه الممتدة على الدول التابعة، التي لم تعد تعرف أين أولها من آخرها، واي شيء يمكن أن تهتم به أولا، أهو الإرهاب، أم الثورات، أم المشكلات اليومية العادية...

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

مخروس شوفير مجددا

باعتبارهما من نجوم الأخبار والسياسة الآن، وحتى تكتمل الدائرة النارية الجهنمية، لابد من تذكر أن مخروس كان من نجوم معركة "الجحش"، "الجمل" في لفظة أخرى..

أي أنه يعد واحدا من رواد حزب المخلوع الذي تجتمع فصائله من جديد الآن على خلفية المشهد السياسي المصري الحالي، وكان قد هدد جماهير ناديه المتمترسة بالاستئصال إذا ما حاولوا مهاجمة مقر النادي أو حضورهم غير المرغوب فيه لمباريات فريقهم، متهما إياهم بمحاولة تصفيته أو اغتياله حسبما يرى(انظر تدوينة سابقة)...

بل وتوعد، مؤخرا، صراحة أحد اللاعبين بقطع رزقه وعدم اللعب مجددا والشطب في حال انضمامه لتجمعات الوايت نايتس...

وها هو الآن يُمنع باعتباره نجما إعلاميا، أي مخروس، بأمر قضائي من الظهور على أي قناة رسمية أو خاصة بالبلد بعد دعوى قضائية رفعها محامي الوايت نايتس الذي اتهمه بسبه وقذفه.. لعبة المحامين المعتادة، ويصف الأولتراس بأنهم جماعة إرهابية...

بينما شوفير يمثل تلك القفزة الهائلة التي يأمل كثيرون منا تحقيقها مثلما حققها صاحبنا للصعود إلى عالم السياسة والنفوذ الذي لا يأمه إلا الكبار المرضي عنهم، هذا بالرغم من سيطرته على برامج تلفزيونية انفتحت على مصراعيها وبكثافة قلما تجدها في أي مكان آخر لأحاديث اللت والعجن والشرح المبتذل الذي لا طائل منه ولا فائدة له ولا يحوي رياضة ولا أي قيمة ولا يحزنون..

يجسد الرجل في الحقيقة نموذجا ودليلا حيا على مدى ما يمكن أن تفعله السياسة في البشر، حيث ساعدته على التحول من مجرد لاعب كرة يملك الشهرة والمال ـ اللذين على ما يبدو لم يكفيانه ـ إلى نائب برلماني يمثل حزب المخلوع أيضا، على غرار الأول، ورب صدفة خير من ألف ميعاد...

صاحبنا الأخير ممثل الحزب المفكوك رسميا، المربوط عضويا، عن دائرة سكنه بإحدى محافظات الدلتا، وظف نيابته على مايبدو ـ حسب علمنا أن كرسي البرلمان جاءه بعد اقتحام مجال التلفزيون والتعليق على المباريات ـ ليصبح نجما إعلاميا ومقدما للبرامج الرياضية ذات الصيت الكبير، متنقلا بين الفضائيات التي تدفع أكثر، يضرب هنا وهناك بلسانه الطلق ووجهه التلفزيوني البريء...


ولمجرد التذكير، فإن فوشير كان قد قاد بنفسه في فترة سابقة حملة جماهيرية مصطحبا ورائه جماهير كرة القدم، بدعوى مسيرة للرياضيين، قد يكون من بينها ألتراس الأهلي ووايت نايتس الزمالك..

ورفع وقتها شعاره الأثير: إعادة نشاط كرة القدم الذي توقف فترة، وإعادة جماهير الكرة لساحات الملاعب بصفتهم وقود المباريات الذي يشعل اللاعبين وبالتأكيد الفضائيات حماسا، ومن ثم استوديوهات وبرامج الهواء القادرة وحدها على إدرار الإعلانات ذات المداخيل العالية إدرارا...

المهم هنا، أن الرجل سلط بنجوميته من جديد الأضواء عليه بعد أن ألقى تصريحا زاد من أوار الحرب المشتعلة حوله وربما ضده، في رأينا على الأقل، حيث ورط في هذا التصريح أحمد عز امبراطور الحديد والسياسة المفرج عنه مؤخرا، الذي عكست صورته الأخيرة عبء سنين الضنا في السجن التي حملها فوق كاهله..

زعم صاحبنا أن "عز"، الذي تولى دور كمال الشاذلي في أمانته لحزب المخلوع أيضا، وهو الحزب الجامع المانع لمخروس وشوفير، عرض عليه المصالحة بينه وبين أولتراس نادي الأهلي، مدعيا رفضه لهذه المصالحة، في إشارة صريحة، مثلما أكد، إلى أن هذه الجماهير قد تم استغلال بعضها لأغراض معينة من قبل سياسيين في أوقات سابقة، وربما لاحقة أيضا..

وهو ما يضاف إلى تحريضه الأخير العلني السافر ضد الأولتراس ومجلس إدارة النادي ودعوته للتدخل السريع من جانب الداخلية، بدعوى أنهم حملوا في إحدى المباريات الأخيرة لافتة بعنوان "من الغناء لا مفر .. ستصرخ ثم تنازع ثم تموت"، مدعيا أنها موجهة ضد الداخلية.. وتهديد لها بالموت، ولا نعلم صحة ذلك...

ما الذي يجمع كل هؤلاء معا، ما المشترك بين صاحبينا لحمل كل مظاهر العداء تلك إزاء تجمعات جماهير الناديين، تلك المظاهر الكثيرة والمتعددة، هل لأنهما من كبار سياسيي الحزب المفكوك المربوط، أم لأنهما المتوليان أعماله القذرة، خاصة عند تحريك الجماهير أو البلطجية، أيا كانت تسميتهم..

لقد بدا أن لكل منهما مصادر قوته التي يتباهى بها "أنت ما تعرفش أنا ممكن أعمل أيه"، وأسلوبه في التخويف والإرهاب، وقدرته على استخدام الإعلام "المبرمج" في توجيه رسائله التهديدية للمخالفين المعارضين..

وبدا أن مصادر القوة التي يملكها كل منهما تدفعهما لخوض معارك وهمية بالأصالة عن نفسيهما وبالنيابة عن آخرين، أو لأغراض محسوبة بدقة لحساب الغير، الذين لا نعلمهم، أو ربما نعلم القليل عنهم، ومنهم أحمد عز نفسه الذي يعاديه شوفير رغم أنه ومخروس كانا يتحركان بأمره، ويأتمران بإشارة من أصبع قدمه الصغير، خاصة إذا ما لزم الأمر تحشيد المؤيدين والمناصرين...

نعتقد أن الإجابة واضاحة عن التساؤلات السابقة، أسأل عن المستفيد، الجهة التي يعملون لحسابها، الأدوار التي يقومون بها، وإلا بماذا نفسر إقدام الرجلين بين الفينة والأخرى لشحذ كل منهما أسلحته الإعلامية ضد الآخر أو ضد أشياء يكنان لها العداء، كجماهير الكرة، أو من أجل تفاهات بعيدة عن آلام الناس وأوجاعهم الحقيقية...

أخيرا، وليس آخر، لا يمكن أن ننسى التعليقات التي كانت قد ترددت قبل فترة حول توسط الراس الكبيرة في صلح تم بين الرجلين، حيث الصورة التي جمعتهم الثلاثة، وتضم هذه المدونة إحداها، وربما هذا يفسر في النهاية أسباب توافقهما على معاداة أولتراس النادي الأحمر ووايت نايتس النادي الأبيض...

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

الشامي والمغربي.. مخروس وفوشير نموذجا

شخصيتان على جانب كبير من الأهمية، المبالغ فيها..

نموذجان في الواقع المصري المأزوم يتبنيان موقفا عدائيا غريبا الآن من جماهير كرة القدم، وكأن هذه الجماهير ملح المنافسات وتراب ملاعبها، ينازعانهما السلطة والنفوذ والمال، فضلا عن الشهرة والتغطية الإعلامية الكثيفة التي يحظيان بهما..

الرجلان يتمتعان بحضور واسع على شاشات الفضائيات وفوق صفحات الجرائد، وكأنهما لاعبا كرة، وليسا مجرد محامي مشاهير ومقدم برامج انتقلا بسرعة الصاروخ من خانة العمل المهني، الذي ربما أبدعا وتفوقا فيه، إلى خانة العمل السياسي الأكثر رصدا وملاحقة ولغطا...

مخروس وفوشير، يعكسان بثقلهما وأدوارهما وخبراتهما المتراكمة واتصالاتهما الواسعة بأهل القوة والسطوة ومتابعة الملايين لهما، حقيقة يغض الكثيرون الطرف عنها، وهي أسلوب إدارة هذا البلد المنكوب برموزه والعلاقات بين نخب الكبار فيه...

يشار إلى موقف الرجلين المتقارب إلى حد كبير من جماهير أولتراس نادي الأهلي وجماهير الوايت نايتس التابعة لنادي الزمالك، حيث يجهران بالعداء الناقح لهما، وباتا يشنان هجمات متلاحقة ضد تجمعات هذه الجماهير، التي لا يجمعها غير:
مجرد عشق كرة القدم..
وحب النادي الذي يشجعونه..
وربما بعض العنف الذي يعبرون عنه ويلجأون إليه باعتبارهم شبابا تملأهم الحماسة وتعرضوا لممارسات عدوانية في مواجهات عنيفة جمعتهم مع الأمن في فترات ماضية، سيما خلال مباريات الكرة...
ناهيك بالطبع عن نزعة الانتقام والثأر التي تدفعهم لنيل ما يعتقدون أنه سلب منهم بالقوة أو للرد على ووجهوا به من قبل...

هذا "العداء" الصارخ إزاء التجمعات اللاإرادية لجماهير الناديين يثير بحق التساؤل عن الروابط التي جعلت الرمزين الكبيرين، مخروس وفوشير، يجمعان على موقف واحد مشترك رغم الصولات والجولات التي كانت بينهما..

ورغم تاريخ المعارك الطويل الممتد بينهما الذي تشهد عليه المحاكم والفضائيات إلى درجة التهكم عليهما في فترة ماضية، ووصفهما بأنهما يعدان تعبيرا فجا عن حالة الفانتازيا الماسخة التي تعيشها بلدنا..
(وللحديث بقية)

الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

الرعاع أمثالنا

من كل مستجدات أحداث ميزوري الأمريكية لم يسترع انتباه الناس سوى ما يعتبرونه التعامل الوحشي للشرطة في مواجهة عزل، وهو توصيف بكل تأكيد خاطىء..

يجب التنبيه بداية أن هذه الأحداث لم تسفر بعد أيام من وقوعها وحتى اللحظة سوى عن حالتي قتل، حسبما نعرف، منها الحالة الأولى للفتى براون الذي تسببت حادثة إردائه بست رصاصات في الصدامات الحاصلة إلى الآن، إضافة لنحو 30 جريحا وبعض جرائم إطلاق النار هنا وهناك واقتحام ونهب الممتلكات العامة والخاصة بالأساس..

وفي نبرة ساخرة، يدعي هؤلاء أن الولايات المتحدة راعية حقوق الإنسان، والتي تتشدق بضرورة احترام العالم لها في المحافل كافة، الدول المغلوب على أمرها تحديدا، ليس من حقها بعد الآن الادعاء بأنها صاحبة مبادئ حقوقية، ولا أن تطالب أحدا، سيما من الدول الفاشلة صاحبة السجلات السوداء في الانتهاكات الحقوقية كمصرنا الحبيبة، باحترام ومراعاة مبادئ حقوق الإنسان عندما تتعامل مع مواطنيها المعتصمين المتظاهرين الرافضين المتمردين..

بل ويتجاوز هؤلاء القول عندما يطالبون ضحايا العنف الأمني في بلادنا، وهم كثر بالمقارنة بحالات معدودة في ميزوري، بالنظر جيدا لما أقدمت عليه القوات الأمريكية بحق المحتجين هناك..

مشيرين في برهان ساطع على ألمعيتهم ونفاقهم في الوقت ذاته إلى أن المحتجين المصريين، أيا كانوا، لا طريق للتعامل معهم سوى بهذه القبضة الأمنية المتشددة..

ومبررين بالتبعية لعناصر الأمن أية ممارسات يمكن أن يقدموا عليها عندما يتعاملون مع بشر لهم كل الحق في التعبير عن امتعاضهم او استيائهم من شيء ما..

لم يلتفت هؤلاء لا إلى الصور المنقولة من الأحداث، والتي توضح في غالبيتها احترام عنصر الأمن لحياة وآدمية المحتجين، حتى لو كانوا مجرمين ناهبين للمحال ومخربين للمنشآت والطرقات...

ولا إلى المؤتمرات الصحفية الكثيفة التي تعقد من أطراف الصدام سواء من الشرطة او المحتجين، والتي تتيح لهم جميعا الحق في التعبير عن أنفسهم وتبرر لسلوكياتهم..

ولا إلى المطالبات العديدة بالتهدئة وعدم تجاوز السقوف القانونية المسموح بها..

ولا إلى محاولات الاسترضاء للتحقيق في حادث قتل الفتى براون ومطالبات إقالة النائب الذي يتولى التحقيق فيه..

بل إنهم لم يلتفتوا أيضا إلى خلفيات وجذور وبواعث مثل هذه الهبات العرقية التي تشهدها أمريكا بين الفينة والأخرى والتي تكشف ممارسات الظلم الواقعة بأناس لمجرد أنهم مختلفون، أيا كان سبب الاختلاف سياسيا كان أو اجتماعيا أو إثنيا أو غير ذلك، والتي تفتح الباب بالتأكيد لمعالجة أسبابه وكوامنه منعا لحدوث مثل هذه الأزمات مستقبلا..

لا نأمل من الإخوة سوى الفهم والاستيعاب والإحاطة الكاملة بالمسائل، كما لا نتمنى سوى جزء ولو يسير من الإجراءات الأمريكية ناحية المحتجين الذين يتم التعامل معهم كبشر، وليس مجرد حشرات يسهل قتلها دون دية، معترفين ومقدرين بأية أخطاء في السلوك والممارسة، ومتفهمين لأية إجراءات ناحية الانتهازيين المستغلين لمثل هذه الأحداث سواء للانتقام أو الإثراء غير المشروع أو غير ذلك...


الأحد، 22 يونيو 2014

دول "عالة" على شعوبها

القضية الأخرى خاصة بالشأن الداخلي لكل تلك الدول التي ذُكرت سلفا في التدوينة المشأومة السابقة، والتي "كَبَسَت على مراوحنا" لأيام حتى نفهمها، إذ أشهد أنني لم استوعبها إلا بعد عناء، فعذرا لقارئ لم يحط بها كاملة..

وهذه الدول المكلومة بأوضاعها الداخلية كانت وما زالت وستظل تعاني منذ أن أوجدتها وأنشأتها دول الاستعمار الكبرى حماية لإقطاعياتها التقليدية والطبقات التابعة لها فيها..

وهي حقيقة لا مراء فيها، فلم يكن لهذه الدول المقطعة أوصالها أن تظهر، أو أن توجد أو حتى أن تبقى وتستمر بعد أن انتهت وانهارت فعليا الدول الشبيهة لها حتى في أعماق أفريقيا وجمهوريات الموز دون مساعدة ودعم من الدول الكبرى الراعية لأنظمتها التابعة  لها..

ولا يخفى بالطبع أن هذه الدول "الأبوية" ما تزال تتفضل علينا نحن الذين لم نبلغ سن الرشد بعد أكثر من ستة أو سبعة عقود مما يسمى بـ "الاستقلال" بتوجيهنا وإسباغ الحماية علينا حتى باتت دولنا ـ أو دولهم في الحقيقة ـ تمثل عبئا عليها الآن، في حين أنها تمنع عنها أي تطور قد يؤثر على "استقرار" مصالحها أو "تدفق" نفوذها..

المهم، وكما هو ملاحظ، أن أوضاع الدول الداخلية في المنطقة المأزومة تجعل من الصعب التكهن بما سيحدث في قابل الأيام في ظل التطورات والمستجدات الهائلة التي تحدث على الساحة اليوم، حيث:

زيادة هوة الانقسام والتشرذم بين الناس..
وبزوغ نزعات الإقصاء والتشدد والتطرف والعنف، ليس فقط لدى الاتجاهات الدينية..
وزيادة وتيرة التداخل بين المحلي والإقليمي والعالمي مع التداعيات المصاحبة لذلك..
وتعرض سيادات الدول وحدودها للاختراق والضعف والوهن وربما الانكسار والتحلل..
وتصاعد وتيرة التجرؤ على الدولة ككيان تقليدي وأجهزتها وسلطاتها وأنظمتها..
وغياب الدولة العمدي عن القيام بأدوارها المطلوبة منها ناحية شعوبها، سيما التوزيعية منها..
واتجاه الأنظمة والحكومات لتغليب مصالح المنتفعين بها وعلى حساب العامة والبسطاء..
وغير ذلك الكثير..

صحيح أن تلك الأوضاع هي قائمة منذ أمد، وتم التعتيم والسيطرة عليها والتحكم بها قسرا، لكنها زادت بروزا وقسوة وقتامة خلال السنوات الثلاث الماضية إلى درجة أنها جعلت الدول تلك الكيانات السائدة، فضلا عن أنظمتها التقليدية المعروفة وتابعيهم من شلة "الحشاكيل" المنتفعين الانتهازيين، والشعوب بالتبعية، عرضة لخيارين أحلاهما مر:

أحدهما: إبقاء الوضع على ما هو عليه، حيث تستمر الدول في غطرستها والأنظمة والحكومات في تحديها دون اعتراف بأحقية الشعوب في أن يكون لها رأي مقدر ومحترم ونصيب من كعكة المصالح والنفوذ التي يستأثر بها فئة واحدة فقط دون بقية الناس حتى لو كان ذلك مخالفا للأعراف والتقاليد والآراء السائدة للغالبية المسيطرة..

الخيار الآخر يتعلق بنزوع الناس، أو بعضها على الأقل، إلى البحث عن وسيلة أخرى يستطيعون بها التعبير عن مكنونات أنفسهم ورغبتهم في أن يروا وضعا وحياة ودول وحكومات مختلفة وتكريس رفضها لممارسات أقل ما توصف بأنها غير إنسانية يتعرضون لها يوميا وفي كل لحظة من لحظات حياتهم وسواء داخل بيوتهم أو فور خروجهم منها للبحث عن لقمة عيش يقتاتون بها وعيالهم..

والواضح أن كلا الخيارين تعيشهما شعوب ودول المنطقة حاليا مع اختلاف الدرجة والمستوى، خاصة تلك التي قيل أنها عاشت جزءا من الربيع العربي ثم استحال إلى صيف قائظ الحرارة..

وهنا تجد دولا وحكومات فاشية، تزداد قساوتها مع المختلفين معها المعارضين لها، ولا تعدم وسيلة إلا وتردعهم بها حتى لا يتجاوزوا الخطوط الحمر التي رُسمت لهم..

بينما تحاول شعوب، أو بعضها على الأقل، مواجهة تلك الفاشية، والتأكيد بأنها لا ترغب سوى أن تكون ضمن القافلة شرط أن يتغير ربانها وكلابها، وهي مدركة تماما أن هذا التغيير قد لا يضمن لها التحسن، ولكن مجرد أن ترى رؤساء وحكومات وسياسات مختلفة عن تلك التي عهدتها طوال عقود وربما قرون إذا ما عدت بالتاريخ إلى الوراء..

تجتمع في المنطقة الآن كل أسباب التغير المفاجئ، وربما العنيف والدموي، ومصر ليست بعيدة عن ذلك، فإنك قد تملك القدرة الآن على إقرار الأوضاع التي تريدها، لكنك لا تملك على المدى الطويل الأسباب والبواعث التي تضمن لك هذا الاستقرار..